وعن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه عن النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: أنّهُ رَخّص لَلْمُسَافِرِ ثَلاثَةَ أيَامٍ ولَيَاليَهُنَّ، وللمُقيمِ يَوْماً ولَيْلَةً، إذا تَطَهّرَ فَلَبِسَ خُفّيْهِ: أنّ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا. أخرجه الدارقطنيُّ وصححهُ ابنُ خُزَيمَةَ.
 

(وعن أبي بكرة) بفتح الموحدة وسكون الكاف وراء، اسمه نفيع بضم النون وفتح الفاء وسكون المثناة التحتية اخره عين مهملة، ابن مسروح، وقيل: ابن الحارث، وكان أبو بكرة يقول: إنه مولى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، ويأبى أن ينتسب. وكان نزل من حصن الطائف عند حصاره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم له في جماعة من غلمان أهل الطائف، وأسلم وأعتقه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وكان من فضلاء الصحابة، قال ابن عبد البر: كان مثل النضر بن عبادة، مات بالبصرة سنة إحدى، أو اثنتين وخمسين وكان أولاده أشرافاً بالبصرة بالعلم والولايات، وله عقب كثير:
(عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: أنّه رخّص للمُسافر ثلاثةَ أيّام ولَيَاليَهُنّ) أي في المسح على الخفين (وللمُقيم يَوْماً ولَيْلَةً إذا تَطَهّرَ) أي كل من المقيم والمسافر إذا تطهر من الحدث الأصغر (فَلَبِس خُفّيْه) ليس المراد من الفاء التعقيب، بل مجرد العطف؛ لأنه معلوم أنه ليس شرطاً في المسح (أن يمسح عليهما. أخرجه الدارقطني، وصححه ابن خزيمة) ، وصححه الخطابي أيضاً، ونقل البيهقي: أن الشافعي صححه، وأخرجه ابن حبان، وابن الجارود، وابن أبي شيبة، والبيهقي، والترمذي في العلل.
والحديث مثل حديث علي عليه السلام في إفادة مقدار المدة للمسافر والمقيم. ومثل حديث عمر وأنس في شرطية الطهارة، وفيه إبانة أن المسح رخصة لتسمية الصحابي له بذلك.