وعن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ غَسّلَ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلَ. ومَنْ حَمَلهُ فَلْيَتَوضَأ" أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسّنهُ، وقالَ أحمدُ: لا يَصحُّ في هذا البابِ شيءٌ.
 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ غَسّلَ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلَ. ومَنْ حَمَلهُ فَلْيَتَوضَأ" أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسّنهُ، وقالَ أحمدُ: لا يَصحُّ في هذا البابِ شيءٌ.
وذلك لأنه أخرجه أحمد من طريق فيها ضعيف، ولكنه قد حسّنه الترمذي، وصححه ابن حبان؛ لوروده من طرق ليس فيها ضعف، وذكر الماوردي: أن بعض أصحاب الحديث خرج له مائة وعشرين طريقاً.
وقال أحمد: إنه منسوخ، بما رواه البيهقي عن ابن عباس: أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، إن ميتكم يموت طاهراً، وليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم"، ولكنه ضعّفه البيهقي، وتعقبه المصنف؛ لأنه قال البيهقي: هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة. قال المصنف: أبو شيبة هو إبراهيم بن أبي بكر بن شيبة، احتج به النسائي، ووثقه الناس، ومن فوقه احتج بهم البخاري إلى أن قال: فالحديث حسن.
ثم قال في الجمع بينه، وبين الأمر في حديث أبي هريرة: إن الأمر للندب.
قلت: وقرينته حديث ابن عباس هذا، وحديث ابن عمر عند عبد الله بن أحمد: "كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل".
قال المصنف: إسناده صحيح، وهو أحسن ما جمع به بين هذه الأحاديث.
وأما قوله: "ومَن حمله فليتوضأ" فلا أعلم قائلاً يقول: بأنه يجب الوضوء من حمل الميت، ولا يندب. قلت: ولكنه مع نهوض الحديث لا عذر عن العمل به. ويفسّر الوضوء بغسل اليدين، كما يفيده التعليل بقوله: "إن ميتكم يموت طاهراً"؛ فإن لمس الطاهر لا يوجب غسل اليدين منه، فيكون في حمل الميت غسل اليدين ندباً تعبداً، إذ المراد إذا حمله مباشراً لبدنه، بقرينة السياق، ولقوله: "يموت طاهراً" فإنه لا يناسب ذلك إلا من يباشر بدنه بالحمل.