وعن مُعَاويةَ قال: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "الْعَينُ وِكَاءُ السّهِ، فَإذا نَامَتِ الْعَيْنَانِ اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ". رواهُ أحمد والطبراني.
 

وزاد: "ومَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأ"، وهذه الزِّيادَةُ في هذا الحديثِ عِنْدَ أبي داود مِنْ حديث عليَ دُونَ قَوْلِهِ: "اسْتَطْلَقَ الْوِكَاءُ"، وفي كِلا الإسنادين ضَعْفٌ.
(وعن معاوية) هو ابن أبي سفيان صخر بن حرب، هو وأبوه من مسلمة الفتح، ومن المؤلفة قلوبهم، ولاه عمر الشام بعد موت يزيد بن أبي سفيان، ولم يزل بها متولياً أربعين سنة، إلى أن مات سنة ستين في شهر رجب بدمشق، وله ثمان وسبعون سنة (قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: العين) أراد الجنس، والمراد: العينان من كل إنسان (وكاء) بكسر الواو والمد (السه) بفتح السين المهملة وكسرها هي: الدبر، والوكاء ما تربط به الخريطة، أو نحوها (فإذا نَامَتْ العَيْنَان اسْتطْلَقَ الوكاء) أي: انحل (رواه أحمد، والطبراني، وزاد الطبراني: ومن نام فليتوضأ، وهذه الزيادة في الحديث) وهي قوله: "ومن نام فليتوضأ" (عند أبي داود من حديث علي عليه السلام) ولفظه: "العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ" (دون قوله: استطلق الوكاء، وفي كلا الإسنادين ضعف) إسناد حديث معاوية، وإسناد حديث علي؛ فإن في إسناد حديث معاوية: بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، وهو ضعيف، وفي حديث علي أيضاً بقية، عن الوضين بن عطاء.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذين الحديثين فقال: ليسا بقويين. وقال أحمد: حديث علي أثبت من حديث معاوية. وحسّن المنذري، والنووي، وابن الصلاح: حديث علي.
والحديثان يدلان على أن النوم ليس بناقض بنفسه، وإنما هو مظنة النقض، فهما من أدلة القائلين بذلك، ودليل على أنه لا ينقض إلا النوم المستغرق، وتقدم الكلام في ذلك.
وكان الأولى بحسن الترتيب أن يذكر المصنف هذا الحديث عقب حديث أنس في أول باب النواقض كما لا يخفى.
ولأبي داودَ أيْضاً عن ابن عباس رضي الله عنهُمَا مَرْفوعاً: "إنما الوُضُوءُ على مَنْ نَامَ مُضْطَجِعاً" وفي إسنادِهِ ضَعْفٌ أيضاً.
ولأبي داودَ أيْضاً عن ابن عباس رضي الله عنهُمَا مَرْفوعاً: "إنما الوُضُوءُ على مَنْ نَامَ مُضْطَجِعاً" وفي إسنادِهِ ضَعْفٌ أيضاً.
لأنه قال أبو داود: إنه حديث منكر، وبين وجه نكارته، وفيه القصر على أنه لا ينقض إلا نوم المضطجع، لا غير، ولو استغرقه النوم، فالجمع بينه وبين ما مضى من الأحاديث: أنه خرج على الأغلب، فإنّ الأغلب على من أراد النوم الاضطجاع، فلا معارضة.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم احْتَجَمَ وصلى، ولمْ يَتَوَضَّأ، أخرجهُ الدارقطني، ولَيّنَهُ.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم احْتَجَمَ وصلى، ولمْ يَتَوَضَّأ، أخرجهُ الدارقطني، ولَيّنَهُ.
أي: قال: هو لين؛ وذلك لأن في إسناده صالح بن مقاتل، وليس بالقوي، وذكره النووي في فصل الضعيف.
والحديث مقرر للأصل، دليل على أن خروج الدم من البدن غير الفرجين لا ينقض الوضوء. وفي الباب أحاديث تفيد عدم نقضه عن ابن عمر، وابن عباس، وابن أبي أوفى.
وقد اختلف العلماء في ذلك.
الهادوية: على أن ناقض بشرط أنه يكون سائلاً يقطر، أو يكون قدر الشعيرة يسيل في وقت واحد من موضع واحد إلى ما يمكن تطهيره.
وقال زيد بن علي، و الشافعي، و مالك، و الناصر، وجماعة من الصحابة، والتابعين: إن خروج الدم من البدن من غير السبيلين ليس بناقض؛ لحديث أنس هذا؛ وما أيّده من الاثار عمن ذكرناه، ولقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا وضوء إلا من صوت، أو ريح" أخرجه أحمد، والترمذي، وصححه. وأحمد، والطبراني بلفظ: "لا وضوء إلا من ريح، أو سماع"؛ لأن الأصل عدم النقض حتى يقوم ما يرفع الأصل، ولم يقم دليل على ذلك.