عن أنَسِ بن مالك ــــ رضي الله عنه ــــ قالَ: "كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ" أخرجه الأربعة. وهوَ مَعْلُولٌ
 

باب آداب قضاء الحاجة
الحاجة كناية عن خروج البول والغائط، وهو مأخوذ من قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا قَعَدَ أحدكُم لحاجته"، ويعبر عنه الفقهاء بباب الاستطابة لحديث: "ولا يستطيب بيمينه"، والمحدثون بباب التخلي مأخوذ من قوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا دخل أحدكم الخلاء"، والتبرّز من قوله: "البراز في الموارد"، وكما سيأتي، فالكلّ من العبارات صحيح.
عن أنَسِ بن مالك ــــ رضي الله عنه ــــ قالَ: "كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ" أخرجه الأربعة. وهوَ مَعْلُولٌ.
(عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذَا دَخَلَ الخَلأَ) بالخاء المعجمة ممدودة المكان الخالي، كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة (وضع خاتَمَهُ. أخرجه الأربعة وهو معلول) ، وذلك لأنه من رواية همام، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، ورواته ثقات، لكن ابن جريج لم يسمعه من الزهري، بل سمعه من زياد بن سعد، عن الزهري، ولكن بلفظ اخر: "وهو أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم اتخذ خاتماً من ورق، ثم ألقاه"، والوهم فيه من همام، كما قاله أبو داود، وهمام ثقة، كما قاله ابن معين. وقال أحمد: ثبت في كل المشايخ، وقد روى الحديث مرفوعاً، وموقوفاً عن أنس من غير طريق همام، وأورد له البيهقي شاهداً، ورواه الحاكم أيضاً بلفظ: "أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لبس خاتماً نقشه: محمد رسول الله، وكان إذا دخل الخلاء وضعه".
والحديث دليل على الإبعاد عند قضاء الحاجة، كما يرشد إليه لفظ الخلاء؛ فإنه يطلق على المكان الخالي، وعلى المكان المعدّ لقضاء الحاجة، ويأتي في حديث المغيرة ما هو أصرح من هذا بلفظ: "فانطلق حتى توارى"، وعند أبي داود: "وكان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد".
ودليل على تبعيد ما فيه ذكر الله عند قضاء الحاجة. وقال بعضهم: يحرم إدخال المصحف الخلاء لغير ضرورة، وقيل: فلو غفل عن تنحية ما فيه ذكر الله حتى اشتغل بقضاء حاجته غيبه في فيه، أو في عمامته، أو نحوه، وهذا فعل منه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وقد عرف وجهه، وهو صيانة ما فيه ذكر الله عزّ وجلّ عن المحلات المستخبثة، فدلّ على ندبه، وليس خاصاً بالخاتم، بل في كل ملبوس فيه ذكر الله.