وعن جابر قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا تَغَوَّطَ الرَّجُلانِ فلْيَتَوَارَ كلُّ واحِدٍ منْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، ولا يتحدَّثَا؛ فإنَّ الله يمْقُتُ على ذلِكَ". رواهُ أحْمَدُ، وصحّحهُ ابنُ السّكَنِ، وابن القَطّانِ، وهو معْلُولٌ. |
(وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إذَا تَغَوَّط الرَّجُلان فلْيتَوار) أي يستتر وهو من المهموز جزم بحذف الهمزة: أي المنقلبة ألفاً (كُلُّ واحد منهُما عَنْ صاحبه) والأمر للإيجاب (ولا يتحدَّثا) حال تغوطهما (فإن الله يمْقُت على ذلك) والمقت أشد البغض (رواه أحمد وصححه ابن السكن) بفتح السين المهملة وفتح الكاف، وهو الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي، نزل مصر، وولد سنة أربع وتسعين ومائتين، وعني بهذا الشأن، وجمع وصنف وبعد صيته. روى عنه أئمة من أهل الحديث، توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. (وابن القطان) بفتح القاف وتشديد الطاء، هو الحافظ العلامة، أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الفارسي الشهير بابن القطان. كان من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله، وأشدهم عناية بالرواية، وله تأليف. حدَّث ودرس، وله كتاب الوهم والإيهام الذي وضعه على الأحكام الكبرى لعبد الحق، وهو يدل على حفظه وقوة فهمه، لكنه تعنت في أحوال الرجال، توفي في ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وستمائة (وهو معلول) ولم يذكر في الشرح العلة، وهي ما قاله أبو داود: لم يسنده إلا عكرمة بن عمار العجلي اليماني، وقد احتج به مسلم في صحيحه، وضعّف بعض الحفاظ حديث عكرمة هذا عن يحيى بن أبي كثير. وقد أخرج مسلم حديثه عن يحيى بن أبي كثير، واستشهد البخاري بحديثه عنه. وقد روى حديث النهي عن الكلام حال قضاء الحاجة أبو داود، وابن ماجه من حديث أبي سعيد، وابن خزيمة في صحيحه، إلا أنهم رووه كلهم من رواية عياض بن هلال، أو هلال بن عياض. قال الحافظ المنذري: لا أعرفه بجرح ولا عدالة، وهو في عداد المجهولين. والحديث دليل على وجوب ستر العورة، والنهي عن التحدث حال قضاء الحاجة، والأصل فيه التحريم، وتعليله بمقت الله عليه، أي: شدة بغضه لفاعل ذلك زيادة في بيان التحريم، ولكنه ادعى في البحر: أنه لا يحرم إجماعاً، وأن النهي للكراهة، فإن صح الإجماع، وإلا فإن الأصل هو التحريم، وقد ترك صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم رد السلام الذي هو واجب عند ذلك، فأخرج الجماعة، إلا البخاري عن ابن عمر: "أن رجلاً مرَّ على النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وهو يبول فسلم عليه، فلم يرد عليه". |