وعن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: "إنَّ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم نهى أن يُسْتَنْجى بعظْمٍ، أوْ رَوْثٍ" وقالَ: "إنّهُمَا لا يُطَهِّرانِ" رواه الدارقطني وصححه.
 

وأخرجه ابن خزيمة بلفظ هذا، والبخاري بقريب منه، وزاد فيه أنه قال له أبو هريرة لما فرغ: ما بال العظم والروث؟ قال: "هي من طعام الجن" وأخرجه البيهقي مطولاً كذا في الشرح، ولفظه في سنن البيهقي: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال لأبي هريرة رضي الله عنه: ابغني أحجاراً أستنفض بها، ولا تأتيني بعظم ولا روث، فأتيته بأحجار في ثوبي، فوضعتها إلى جنبه، حتى إذا فرغ وقام تبعته، فقلت: يا رسول الله ما بال العظم والروث؟
فقال: "أتاني وفد نصيبين، فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم ألا يمرُّوا بروثة، ولا عظم إلا وجدوا عليه طعاماً"، والنهي في الباب عن الزبير، وجابر، وسهل بن حنيف، وغيرهم بأسانيد فيها ما فيه مقال، والمجموع يشهد بعضها لبعض.
وعلّل هنا بأنهما لا يطهران. وعلّل بأنهما طعام الجن؛ وعلّلت الروثة بأنها ركس، والتعليل بعدم التطهير فيها عائد إلى كونها ركساً. وأما عدم تطهير العظم، فلأنه لزج لا يكاد يتماسك فلا ينشف النجاسة ولا يقطع البلة. ولما علل صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بأن العظم والروثة طعام الجن، قال له ابن مسعود: وما يغني عنهم ذلك يا رسول الله؟ قال: "إنهم لا يجدون عظماً، إلا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أخذ، ولا وجدوا روثاً، إلا وجدوا فيه حبه الذي كان يوم أكل" رواه أبو عبد الله الحاكم في الدلائل، ولا ينافيه ما ورد: أن الروث علف لدوابهم، كما لا يخفى.
وفيه دليل على أن الاستنجاء بالأحجار طهارة لا يلزم معها الماء، وإن استحب؛ لأنه علل بأنهما لا يطهران، فأفاد أن غيرهما يطهر.