وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهُ ــــ في قِصَّةِ ثمامةَ بن أُثالٍ، عندما أسلم ــــ وأمره النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن يغتسل، رواه عبدُ الرَّزَّاقِ وأصْلُهُ متفق عليه.
 

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه) أنه قال: (في قصة ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم (ابن أثال) بضم الهمزة فمثلثة مفتوحة وهو الحنفي سيد أهل اليمامة (عندما أسلم) أي عند إسلامه: (وأمره النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن يغتسل. رواه عبد الرزاق).
وهو الحافظ الكبير: عبد الرزاق بن همام الصنعاني صاحب التصانيف، روى عن عبيد الله بن عمر، وعن خلائق. وعنه أحمد، وإسحاق، وابن معين، والذهلي. قال الذهبي: وثقه غير واحد، وحديثه مخرج في الصحاح، كان من أوعية العلم. مات في شوال سنة إحدى عشرة ومائتين. (وأصله متفق عليه) بين الشيخين.
الحديث: دليل على شرعية الغسل بعد الإسلام، وقوله: أمره يدل على الإيجاب. وقد اختلف العلماء في ذلك:
فعند الهادوية: أنه إذا كان قد أجنب حال كفره، وجب عليه الغسل للجنابة، وإن كان قد اغتسل حال كفره، فلا حكم له، وحديث: "الإسلام يجب ما قبله" لا يوافق هذا القول.
وعند الحنفية: أنه إن كان قد اغتسل حال كفره فلا غسل عليه.
وعند الشافعية، وغيرهم: لا يجب عليه الغسل بعد إسلامه للجنابة؛ للحديث المذكور، وهو: "إن الإسلام يجب ما قبله"، وأما إذا لم يكن أجنب حال كفره، فإنه يستحب له الاغتسال، لا غيره.
أما عند أحمد فقال: يجب عليه مطلقاً؛ لظاهر حديث الكتاب، ولما أخرجه أبو داود من حديث قيس بن عاصم قال: "أتيت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أريد الإسلام، فأمرني أن أغتسل بماء وسدر" وأخرجه الترمذي، والنسائي بنحوه.
وعن أبي سعيد الخدْرِيِّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "غُسْلُ الجُمُعةِ واجب على كُلِّ مُحْتَلمٍ". أخرَجَهُ السّبعَةُ.
وعن أبي سعيد الخدْرِيِّ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "غُسْلُ الجُمُعةِ واجب على كُلِّ مُحْتَلمٍ". أخرَجَهُ السّبعَةُ.
هذا دليل داود في إيجابه غسل الجمعة، والجمهور يتأولونه بما عرفت قريباً، وقد قيل: إنه كان للإيجاب أول الأمر بالغسل؛ لما كانوا فيه من ضيق الحال، وغالب لباسهم الصوف، وهم في أرض حارة الهواء، فكانوا يعرقون عند الاجتماع لصلاة الجمعة، فأمرهم صلى الله عليه وآله وسلم ـــ بالغسل، فلما وسع الله عليهم، ولبسوا القطن، رخص لهم في ذلك.