وعن أبي هُريرةَ رضيَ الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ تَحْتَ كلّ شعرَةٍ جنابَةً، فاغسِلوا الشّعْرَ، وانْقُوا الْبَشَرَ". رواه أبو داود والترمذيُّ وضعّفاهُ.ولأحمد عن عائشة رضي الله عنها نحوه،وفيه راوٍ مجهولٌ.
 

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إن تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر) ؛ لأنه إذا كان تحته جنابة، فبالأولى أنها فيه، ففرع غسل الشعر على الحكم بأن تحت كل شعرة جنابة (وانقوا البشر. رواه أبو داود، والترمذي، وضعفاه).
لأنه عندهما من رواية الحارث بن وجيه: بفتح الواو فجيم فمثناة تحتية. قال أبو داود: وحديثه منكر؛ وهو ضعيف، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلّا من حديث الحارث، وهو شيخ ليس بذاك. وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت. وقال البيهقي: أنكره أهل العلم بالحديث: البخاري وأبو داود وغيرهما.
ولكن في الباب من حديث علي عليه السلام مرفوعاً: "مَنْ ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا، فمن ثم عاديت رأسي، فمن ثم عاديت رأسي ثلاثاً"، وكان يجزه. وإسناده صحيح، كما قال المصنف، ولكن قال ابن كثير في الإرشاد: إن حديث علي هذا من رواية عطاء بن السائب؛ وهو سييء الحفظ، وقال النووي: إنه حديث ضعيف.
قلت: وسبب اختلاف الأئمة في تصحيحه وتضعيفه: أن عطاء بن السائب اختلط في اخر عمره، فمن روى عنه قبل اختلاطه، فروايته عنه صحيحة. ومن روى عنه بعد اختلاطه، فروايته عنه ضعيفة، وحديث علي هذا، اختلفوا: هل رواه قبل الاختلاط، أو بعده؟ فلذا اختلفوا في تصحيحه، وتضعيفه، حتى يتبين الحال فيه. وقيل: الصواب وقفه على عليّ عليه السلام.
والحديث دليل على أنه يجب غسل جميع البدن في الجنابة، ولا يعفى عن شيء منه. قيل: وهو إجماع، إلا المضمضة والاستنشاق ففيهما خلاف. قيل: يجبان؛ لهذا الحديث، وقيل: لا يجبان؛ لحديث عائشة الذي تقدم وميمونة. وحديث إيجابهما هذا غير صحيح، ولا يقاوم ذلك. وأما أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم توضأ وضوءه للصلاة، ففعل لا ينهض على الإيجاب. إلا أن يقال: إنه بيان لمجمل، فإن الغسل مجمل في القران، يبينه الفعل.
ولأحْمَدَ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها نَحْوُهُ، وفيهِ رَاوٍ مَجْهُولٍ.
لم يذكر المصنف الحديث في التلخيص، ولا عيّن من فيه، وإذا كان فيه مجهول، فلا تقوم به حجة.
وأحاديث الباب عدتها سبعة عشر.