وعن جابرٍ رضي الله عنه ــــ في الرَّجُلِ الذي شُجَّ، فاغْتَسل فمات ــــ "إنَّمَا كان يَكفيهِ أن يتيمّمَ، ويَعْصِبَ على جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثمَّ يَمْسَحُ علَيْهَا ويغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِهِ" رواه أبو داود بسَنَدٍ ضعيفٍ وفيهِ اختلافٌ على روايه.
 

(وعن جابر رضي الله عنه في الرجل الذي شج) بضم الشين المعجمة وجيم، من شجه يشجه بكسر الشين وضمها: كسره، كما في القاموس (فاغتسل فمات: إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصب على جرحه خرقة، ثمَّ يمسح عليها، ويغسل سائر جسده، رواه أبو داود بسند ضعيف).
لأنه تفرد به الزبير بن خريق: بضم الخاء المعجمة فراء مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة وقاف. قال الدارقطني: ليس بالقوي.
قلت: وقال الذهبي: إنه صدوق (وفيه اختلاف على راويه) وهو: عطاء، فإنه رواه عنه الزبير بن خريق، عن جابر.
ورواه عنه الأوزاعي بلاغاً عن عطاء، عن ابن عباس. فالاختلاف وقع في رواية عطاء، هل عن جابر، أو عن ابن عباس؟ وفي إحدى الروايتين ما ليس في الأخرى.
وهذا الحديث، وحديث علي الأول: قد تعاضدا على وجوب المسح على الجبائر بالماء، وفيه خلاف بين العلماء. منهم من قال: يمسح لهذين الحديثين، وإن كان فيهما ضعف، فقد تعاضدا، ولأنه عضو تعذر غسله بالماء، فمسح ما فوقه كشعر الرأس، وقياساً على مسح أعلى الخفين، وعلى العمامة، وهذا القياس يقوي النص.
قلت: من قال بالمسح عليهما قوي عنده المسح على الجبائر، وهو الظاهر.
ثم في حديث جابر دليل على أنه يجمع بين التيمم، والمسح، والغسل، وهو مشكل، حيث جمع بين التيمم والغسل.
قيل: فيحمل على أن أعضاء الوضوء كانت جريحة، فتعذر إمساسها بالماء، فعدل إلى التيمم، ثم أفاض الماء على بقية جسده. وأما الشجة: فقد كانت في الرأس، والواجب فيه الغسل، لكن تعذر لأجل الشجة، فكان الواجب عليه عصبها، والمسح عليها، إلا أنه قال المصنف في التلخيص: إنه لم يقع في رواية عطاء عن ابن عباس ذكر التيمم، فثبت: أن الزبير بن خريق تفرّد به، نبّه على ذلك ابن القطان، ثم قال: ولم يقع في رواية عطاء ذكر المسح على الجبيرة، فهو من إفراد الزبير.
قال: ثم سياق المصنف لحديث جابر يدل على أن قوله: إنما كان يكفيه، غير مرفوع، وهو مرفوع، وإنما لما اختصره المصنف فاتته العبارة الدالة على رفعه، وهو حديث فيه قصة.
ولفظها عند أبي داود عن جابر قال: "خرجنا في سفر؛ فأصاب رجلاً منا حجر، فشجّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات فلما قدمنا على رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب، أو يعصب ــــ شك موسى ــــ على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده" إلى اخره.