وعن عائشةَ رضي الله عنْهَا أنَّ أُمَّ حبيبةَ بِنْتَ جَحْشٍ شَكَتْ إلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم الدَّمَ، فقَال: "امْكُثي قَدْرَ مَا كانتْ تحبِسُكِ حيضتك، ثمَّ اغْتَسلِي" فكانت تَغْتَسِلُ لكل صلاةٍ. رواهُ مُسلمٌ.
 

وفي روايةٍ للْبُخاريِّ: "وتَوَضَّئي لكلِّ صلاة"، وهي لأبي داودَ وغَيْرِهِ منْ وجهٍ اخرِ.
(وعن عائشة رضي الله عنها: أن أم حبيبة) بالحاء المهملة المفتوحة (بنت جحش) قيل: الأصح أن اسمها حبيبة، وكنيتها أم حبيب بغير هاء وهي أخت حمنة التي تقدم حديثها (شكت إلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم الدم فقال: امكثي قدرَ ما كانت تحْبِسك حَيْضَتُك) أي قبل استمرار جريان الدم (ثمَّ اغتسلي) أي غسل الخروج عن الحيض (فكانت تغتسل لكل صلاة) من غير أمر منه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لها بذلك (رواه مسلم. وفي رواية للبخاري: "وتوضئي لكل صلاة" وهي) أي هذه الرواية (لأبي داود وغيره من وجه اخر). أم حبيبة: كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وبنات جحش ثلاث: زينب أم المؤمنين، وحمنة، وأم حبيبة، قيل: إنهن كن مستحاضات كلهن. وقد ذكر البخاري ما يدل على أن بعض أمهات المؤمنين كانت مستحاضة؛ فإن صح أن الثلاث مستحاضات فهي زينب، وقد عد العلماء المستحاضات في عصره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، فبلغن عشر نسوة.
والحديث: دليل على إرجاع المستحاضة إلى أحد المعرفات، وهي أيام عادتها، وعرفت أن المعرفات: إما العادة التي كانت لها قبل الاستحاضة، أو صفة الدم بكونه أسود يعرف، أو العادة التي للنساء من الستة الأيام، أو السبعة، أو إقبال الحيضة وإدبارها. كل هذه قد تقدمت في أحاديث المستحاضة. فبأيها وقع معرفة الحيض ــــ والمراد حصول الظن لا اليقين ــــ عملت به، سواء كانت ذات عادة، أو لا، كما يفيده إطلاق الأحاديث، بل ليس المراد إلا ما يحصل لها ظن أنه حيض، وإن تعددت الأمارات كان أقوى في حقها، ثم متى حصل ظن زوال الحيض وجب عليها الغسل، ثم تتوضأ لكل صلاة أو تجمع جمعاً صورياً بالغسل. وهل لها أن تجمع الجمع الصوري بالوضوء؟ هذا لم يرد به نص في حقها، إلا أنه معلوم جوازه لكل أحد من غيره، وأما هل لها أن تصلي النوافل بوضوء الفريضة؟ فهذا مسكوت عنه أيضاً، والعلماء مختلفون في ذلك كله.

الموضوع التالي


وعَنْ أُمِّ عطيةَ رضي الله عنها قالت: كُنّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفرة بعْدَ الطُّهرِ شَيْئاً. رواه البُخاري وأبو داود، واللفْظُ لهُ. (وعن أم عطية) اسمها نسيبة بضم النون وفتح السين المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الموحدة بنت كعب، وقيل بنت الحارث الأنصارية، بايعت النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، كانت من كبار الصحابيات، وكانت تغزو مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، تمرّض المرضى، وتداوي الجرحى (قالت: كنا لا نعد الكدرة) أي ما هو بلون الماء الوسخ الكدر (والصفرة) هو الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار (بعدَ الطُّهْر) أي بعد رؤية القصة البيضاء، والجفوف (شَيْئاً) أي لا نعده حيضاً (رواه البخاري وأبو داود واللفظ له).

الموضوع السابق


وعن حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قالت: كُنْتُ أُسْتحاضُ حَيْضَةً كثيرةً شديدةً، فأَتَيْتُ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أَسْتَفْتِيهِ، فقَالَ: "إنما هِيَ رَكْضَةٌ منَ الشّيطان، فَتَحيّضي ستّةَ أيامٍ، أوْ سَبْعَةَ أيّامٍ، ثمَّ اغْتسِلي، فإذا اسْتَنْقأتِ فصَلي أربعةً وعشرين، أو ثلاثةً وعشرينَ، وصومي وصلِّي، فإنَّ ذلك يُجْزِئُك، وكذلك فافعلي كما تحيضُ النساءُ، فإنْ قَوِيتَ على أنْ تُؤخِّري الظُّهر وتُعَجلي العَصْرَ، ثمَّ تَغْتَسِلي حين تَطْهُرين، وتُصلي الظهرَ والْعَصْرَ جميعاً، ثم تُؤخِّرين المغْرِبَ والعِشَاءَ، ثمَّ تَغْتَسِلينَ وَتجمَعين بينَ الصَّلاتينِ، فافْعَلِي. وتَغْتَسلينَ مَعَ الصُّبْحِ وتُصَلينَ. قال: وَهُوَ أَعْجبُ الأمرين إليَّ". رواه الخمسة إلا النّسائيُّ، وصحّحهُ الترمذيُّ، وحسّنهُ البُخاري.