وعَنْ أُمِّ عطيةَ رضي الله عنها قالت: كُنّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفرة بعْدَ الطُّهرِ شَيْئاً. رواه البُخاري وأبو داود، واللفْظُ لهُ. (وعن أم عطية) اسمها نسيبة بضم النون وفتح السين المهملة وسكون المثناة التحتية وفتح الموحدة بنت كعب، وقيل بنت الحارث الأنصارية، بايعت النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، كانت من كبار الصحابيات، وكانت تغزو مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، تمرّض المرضى، وتداوي الجرحى (قالت: كنا لا نعد الكدرة) أي ما هو بلون الماء الوسخ الكدر (والصفرة) هو الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار (بعدَ الطُّهْر) أي بعد رؤية القصة البيضاء، والجفوف (شَيْئاً) أي لا نعده حيضاً (رواه البخاري وأبو داود واللفظ له).
 

وقولها: "كنا" قد اختلف فيه العلماء، فقيل: له حكم الرفع إلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم؛ لأن المراد: كنا في زمانه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مع علمه، فيكون تقريراً منه، وهذا رأي البخاري، وغيره من علماء الحديث، فيكون حجة؛ وهو دليل على أنه لا حكم لما ليس بدم غليظ أسود يعرف، فلا يعد حيضاً بعد أن ترى القصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة؛ قيل: إنه شيء كالخيط الأبيض يخرج من الرحم بعد انقطاع الدم، أو بعد الجفوف، وهو أن يخرج ما يحشى به الرحم جافاً، ومفهوم قولها: بعد الطهر، أي بأحد الأمرين: أن قبله تعد الكدرة والصفرة شيئاً: أي حيضاً، وفيه خلاف بين العلماء معروف في الفروع.