ولمُسْلمٍ عن عائشةَ رضي الله عنهَا نَحْوَهُ، وقالَ "سَجْدةً" بدَلَ "رَكْعَةً". ثمَّ قالَ: والسّجدة إنّما هي الرَّكْعةُ"
 

(ولمسلم عن عائشة رضي الله عنها نحوه، وقال: سجدةً بدل ركعةً) فإنه ظاهر: أن من أدرك سجدة صار مدركاً للصلاة، إلا أن قوله: (ثم قال) أي الراوي، ويحتمل أنه النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: (والسجْدةُ إنما هي الركعةُ): يدفع أن يراد بالسجدة نفسها، لأن هذا التفسير: إن كان من كلامه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، فلا إشكال، وإن كان من كلام الراوي، فهو أعرف بما روى.
وقال الخطابي: المراد بالسجدة: الركعة بسجودها وركوعها، والركعة إنما تكون تامة بسجودها، فسميت على هذا المعنى سجدة اهـ، ولو بقيت السجدة على بابها لأفادت: أن من أدرك ركعة بإحدى سجدتيها صار مدركاً، وليس بمراد؛ لورود سائر الأحاديث بلفظ الركعة، فتحمل رواية السجدة عليها، فيبقى مفهوم من أدرك ركعة سالماً عما يعارضه. ويحتمل: أن من أدرك سجدة فقط، صار مدركاً للصلاة، كمن أدرك ركعة، ولا ينافي ذلك ورود من أدرك ركعة: لأن مفهومه غير مراد بدليل: "من أدرك سجدة" ويكون الله تعالى قد تفضل، فجعل من أدرك سجدة مدركاً، كمن أدرك ركعة، ويكون إخباره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بإدراك الركعة قبل أن يعلمه الله جعل من أدرك السجدة مدركاً للصلاة، فلا يرد: أنه قد علم أن من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة بطريق الأولى.
وأما قوله: والسجدة إنما هي الركعة، فهو محتمل أنه من كلام الراوي، وليس بحجة، وقولهم تفسير الراوي مقدم: كلام أغلبي، وإلا فحديث: "فربّ مبلغ أوعى من سامع"، وفي لفظ: "أفقه" يدل على أنه يأتي بعد السلف من هو أفقه منهم. ثم ظاهر الحديث: أن من أدرك الركعة من صلاة الفجر، أو العصر: لا تكره الصلاة في حقه عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وإن كانا وقتي كراهة، ولكن في حق المتنفل فقط، وهو الذي أفاده قوله.