وعن جُبير بن مُطْعمٍ قال: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "يا بَني عَبْدِ منافٍ، لا تَمْنعُوا أحداً طافَ بهذا البَيْتِ وصلَّى أيّةَ ساعةٍ شاءَ من لَيْلٍ أو نهارٍ" رواهُ الخمسةُ. وصححهُ الترمذي وابن حبّان.
 

(وعن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية فراء (ابن مطعم) بضم الميم وسكون الطاء وكسر العين المهملة، وهو أبو محمد: جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل: القرشي النوفلي، كنيته أبو أمية. أسلم قبل الفتح، ونزل المدينة، ومات بها سنة أربع، أو سبع، أو تسع وخمسين. وكان جبير عالماً بأنساب قريش، قيل: إنه أخذ ذلك من أبي بكر.
(قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طافَ بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار" رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن حبان) ، وأخرجه الشافعي، وأحمد، والدارقطني، وابن خزيمة، والحاكم من حديث جبير أيضاً. وأخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس. وأخرجه غيرهم. وهو دال على أنه لا يكره الطواف بالبيت، ولا الصلاة فيه، في أي ساعة من ساعات الليل والنهار، وقد عارض ما سلف.
فالجمهور: عملوا بأحاديث النهي؛ ترجيحاً لجانب الكراهة، ولأن أحاديث النهي ثابتة في الصحيحين، وغيرهما، وهي أرجح من غيرها. وذهب الشافعي وغيره: إلى العمل بهذا الحديث، قالوا: لأن أحاديث النهي قد دخلها التخصيص بالفائتة والمنوم عنها، والنافلة التي تقضى، فضعفوا جانب عمومها، فتخصص أيضاً بهذا الحديث. ولا تكره النافلة بمكة في أي ساعة من الساعات.
وليس هذا خاصاً بركعتي الطواف، بل يعم كل نافلة لرواية ابن حبان في صحيحه: "يا بني عبد المطلب: إن كان لكم من الأمر شيء، فلا أعرفن أحداً منكم يمنع من يصلي عند البيت، أي ساعة شاء من ليل أو نهار". قال في النجم الوهاج: وإذا قلنا: بجواز النفل، يعني في المسجد الحرام في أوقات الكراهة، فهل يختص ذلك بالمسجد الحرام، أو يجوز في جميع بيوت حرم مكة؟ فيه وجهان، والصواب: أنه يعم جميع الحرم.