وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهُما أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "الشّفقُ الحمْرةُ"، رواهُ الدارقطنيُّ، وصححهُ ابنُ خُزيمةَ، وغيرُهُ وقَفَهُ على ابن عُمَرَ.
 

(وعن ابن عمر رضي الله عنهما: عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "الشفقُ الحُمْرَةُ" رواه الدارقطني، وصححه ابن خزيمة. وغيره وقفه على ابن عمر).
وتمام الحديث: "فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة"، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه من حديث ابن عمر مرفوعاً: "ووقت صلاة المغرب: إلى أن تذهب حمرة الشفق"، وقال البيهقي: روى هذا الحديث عن علي، وعمر، وابن عباس، وعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وأبي هريرة، ولا يصح منها شيء: قلت: البحث لعوي، والمرجع فيه إلى أهل اللغة وقح الغرب، فكلامه حجة وإن كان موقوفاً عليه. وفي القاموس: الشفق محركة: الحمرة في الأفق من الغروب إلى العشاء، وإلى قريبها، أو إلى قريب العتمة اهـ.
والشافعي يرى. أن وقت المغرب عقيب غروب الشمس بما يتسع لخمس ركعات، ومضى قدر الطهارة، وستر العورة، وأذان، وإقامة، لا غير، وحجته حديث جبريل: أنه صلى به صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم المغرب في اليومين معاً؛ في وقت واحد عقيب غروب الشمس. قال: فلو كان للمغرب وقت ممتد لأخره إليه، كما أخر الظهر إلى مصير ظل الشيء مثله في اليوم الثاني. وأجيب عنه: بأن حديث جبريل متقدم في أول فرض الصلاة بمكة اتفاقاً، وأحاديث: أن اخر وقت المغرب الشفق: متأخرة واقعة في المدينة أقوالاً وأفعالاً، فالحكم لها، وبأنها أصح إسناداً من حديث توقيت جبريل، فهي مقدمة عند التعارض.
وأما الجواب بأنها أقوال وخبر جبريل فعل فغير ناهض، فإن خبر جبريل فعل وقول، فإنه قال له صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بعد أن صلى به الأوقات الخمسة: "ما بين هذين الوقتين وقت لك ولأمتك" نعم، لا بينية بين المغرب والعشاء على صلاة جبريل، فيتم الجواب: بأنه فعل بالنظر إلى وقت المغرب، والأقوال مقدمة على الأفعال عند التعارض على الأصح. وأما هنا، فما ثم تعارض، إنما الأقوال أفادت زيادة في الوقت للمغرب، من الله بها. قلت: لا يخفى أنه كان الأولى تقديم هذا الحديث في أول باب الأوقات عقب أول حديث فيه، وهو حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه.
واعلم أن هذا القول هو قول الشافعي في الجديد، وقوله القديم: إن لها وقتين: أحدهما هذا، والثاني يمتد إلى مغيب الشفق، وصححه أئمة من أصحابه، كابن خزيمة، والخطابي، والبيهقي، وغيرهم. وقد ساق النووي في شرح المهذب الأدلة على امتداده إلى الشفق، فإذا عرفت الأحاديث الصحيحة تعين القول به جزماً؛ لأن الشافعي نص عليه في القديم، وعلق القول به في الإملاء على ثبوته، وقد ثبت الحديث، بالأحاديث.