وعن أبي محْذورةَ أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "أوَّلُ الوَقتِ رضوان الله، وأَوْسَطُهُ رحْمَةُ الله، واخرُهُ عَفْوُ الله" أخْرَجهُ الدَّارقُطْني بسندٍ ضعيف جداً.
 

(وعن أبي محذورة) بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وضم الذال المعجمة بعد الواو راء. واختلفوا في اسمه على أقوال: أصحها أنه سمرة بن معين بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح المثناة التحتية، وقال ابن عبد البر: إنه اتفق العالمون بطريق أنساب قريش: أن اسم أبي محذورة: أوس، وأبو محذورة مؤذن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. أسلم عام الفتح، وأقام بمكة إلى أن مات وهو يؤذن بها للصلاة، مات سنة تسع وخمسين.
(أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: أول الوقت) أي للصلاة المفروضة (رضوان الله) أي: يحصل بأدائها فيه رضوان الله تعالى عن فاعلها. (وأوسطه رحمة الله) أي يحصل لفاعل الصلاة في رحمته، ومعلوم أن رتبة الرضوان أبلغ (واخره عفو الله) ولا عفو إلا عن ذنب (أخرجه الدارقطني بسند ضعيف) ؛ لأنه من رواية يعقوب بن الوليد المدني. قال أحمد: كان من الكذابين الكبار، وكذبه ابن معين، وتركه النسائي، ونسبه ابن حبان إلى الوضع، كذا في حواشي القاضي. وفي الشرح: أن في إسناده: إبراهيم بن زكريا البجلي، وهو متهم، ولذا قال المصنف (جداً) مؤكداً لضعفه، وقدمنا إعراب جداً، ولا يقال: إنه يشهد له قوله.
وللترمذي من حديثِ ابن عُمرَ نَحْوُهُ، دون الأوْسَطِ، وَهُو ضعيفٌ أيضاً.
(وللترمذي من حديث ابن عمر نحوه) في ذكر أول الوقت واخره (دون الأوسط وهو ضعيف أيضاً) ؛ لأن فيه يعقوب بن الوليد أيضاً، وفيه ما سمعت، وإنما قلنا لا يصح شاهداً؛ لأن الشاهد والمشهود له فيهما، من قال الأئمة فيه: إنه كذاب، فكيف يكون شاهداً ومشهوداً له؟ وفي الباب عن جابر، وابن عباس، وأنس، وكلها ضعيفة. وفيه عن علي عليه السلام: من رواية موسى بن محمد عن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي. قال البيهقي: إسناده فيما أظن أصح ما روي في هذا الباب، مع أنه معلول، فإن المحفوظ روايته عن جعفر بن محمد عن أبيه موقوفاً. قال الحاكم. لا أعرف فيه حديثاً، يصح عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، ولا عن أحد من الصحابة، وإنما الرواية فيه عن جعفر بن محمد عن أبيه موقوفاً.
قلت: إذا صح هذا الموقوف، فله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال في الفضائل بالرأي، وفيه احتمال. ولكن هذه الأحاديث، وإن لم تصح، فالمحافظة منه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على الصلاة أول الوقت: دالة على أفضليته، وغير ذلك من الشواهد التي قدمناها.