وعن أبي جُحيفة رضي الله عنهُ قال: رأيْتُ بلالاً يؤذن وأَتَتَبّعُ فَاه ههنا وهَهُنا، وإصْبِعاهُ في أُذنيْه. رواهُ أحمدُ والترمذي وصححهُ.
 

ولابن ماجَهْ: وجعَلَ إصبَعَيْهِ في أُذُنيه.
ولأبي داود: لَوى عُنُقَهُ، لما بلغ حيَّ على الصلاة، يميناً وشمالاً ولم يستدرْ. وأصْلُه في الصَّحيحين.
(وعن أبي جحيفة) بضم الجيم وفتح الحاء المهملة فمثناة تحتية ساكنة ففاء، هو وهب بن عبد الله، وقيل: ابن مسلم: السوائي بضم السين المهملة وتخفيف الواو وهمزة بعد الألف: العامري. نزل الكوفة وكان من صغار الصحابة، توفي رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ولم يبلغ الحلم، ولكنه سمع منه. جعله عليّ على بيت المال، وشهد معه المشاهد كلها؛ توفي بالكوفة سنة أربع وسبعين.
(قال: رأيت بلالاً يُؤذِّن، وأتتبع فاه) أي أنظر إلى فيه متتبعاً (ههنا) أي يمنة (وههنا) أي يسرة (وأُصبعاه) أي إبهاماه، ولم يرد تعيين الأصبعين، وقال النووي: هما المسبحتان (في أذنيه. رواه أحمد، والترمذي، وصححه، ولابن ماجه) أي من حديث أبي جحيفة أيضاً: (وجعل أصبعيه في أذنيه. ولأبي داود) من حديثه أيضاً: (لوى عُنُقه لما بلغ حيَّ على الصلاة يميناً وشمالاً) هو بيان لقوله: ههنا وههنا (ولم يستدر) بجملة بدنه (وأصله في الصحيحين).
الحديث دل على اداب للمؤذن وهي: الالتفات إلى جهة اليمين، وإلى جهة الشمال، وقد بين محل ذلك لفظ أبي داود حيث قال: "لوى عنقه لما بلغ حي على الصلاة": وأصرح منه حديث مسلم بلفظ: (فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يميناً وشمالاً، يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح) ، ففيه بيان أن الالتفات عند الحيعلتين. وبوَّب عليه ابن خزيمة بقوله: "انحراف المؤذن عند قوله حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح بفمه، لا ببدنه كله" قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه، ثم ساق من طريق وكيع: "فجعل يقول في أذانه: هكذا، وحرف رأسه يميناً وشمالاً" وأما رواية: "إن بلالاً استدار في أذانه"، فليست بصحيحة، وكذلك رواية: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أمره أن يجعل أصبعيه في أذنيه" رواية ضعيفة. وعن أحمد بن حنبل: لا يدور إلا إذا كان على منارة قصداً لإسماع أهل الجهتين.
وذكر العلماء: أن فائدة التفاته أمران: أحدهما: أنه أرفع لصوته. وثانيهما: أنه علامة للمؤذن؛ ليعرف من يراه على بعد، أو من كان به صمم أنه يؤذن، وهذا في الأذان. وأما الإقامة فقال الترمذي: إنه استحسنه الأوزاعي.
وعن أبي مَحْذورة رضي الله عنه أنَّ النَّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أعجبهُ صَوْتُهُ، فَعَلّمهُ الأذان. رواه ابنُ خُزْيمة.
وعن أبي مَحْذورة رضي الله عنه أنَّ النَّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أعجبهُ صَوْتُهُ، فَعَلّمهُ الأذان، رواه ابنُ خُزْيمة.
وصححه، وقد قدمنا القصة، واستحسانه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لصوته، وأمره له بالأذان بمكة.
وفيه دلالة على أنه يستحب أن يكون صوت المؤذن حسناً.