وعن جابر بن سَمُرةَ قَالَ: صَلّيْت مع النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم العيدينِ، غَيْرَ مرَّة، ولا مرَّتين، بغير أذان، ولا إقامة. رَوَاهُ مُسْلمٌ.
 

(وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم العيدَيْن غير مرَّة ولا مرَّتين) أي: بل مرات كثيرة (بغير أذان، ولا إقامة) أي حال كون الصلاة غير مصحوبة بأذان، ولا إقامة (رواه مسلم).
فيه دليل: على أنه لا يشرع لصلاة العيدين أذان، ولا إقامة، وهو كالإجماع. وقد روى خلاف هذا عن ابن الزبير، ومعاوية، وعمر بن عبد العزيز، قياساً منهم للعيدين على الجمعة، وهو قياس غير صحيح، بل فعل ذلك بدعة، إذ لم يؤثر عن الشارع، ولا عن خلفائه الراشدين، ويزيده تأكيداً قوله:
ونحوه في المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره.
(ونحوه) أي نحو حديث جابر بن سمرة (في المتفق عليه) أي الذي اتفق على إخراجه الشيخان (عن ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره) من الصحابة.
وأما القول بأنه يقال في العيد عوضاً عن الأذان: "الصلاة جامعة" فلم ترد به سنة في صلاة العيدين. قال في الهدي النبوي: وكان صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة: أي صلاة العيد من غير أذان، ولا إقامة، ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة: أن لا يفعل شيء من ذلك، وبه يعرف أن قوله في الشرح: ويستحب في الدعاء إلى الصلاة في العيدين، وغيرهما، مما لا يشرع فيه أذان، كالجنازة: الصلاة جامعة: غير صحيح؛ إذ لا دليل على الاستحباب، ولو كان مستحباً لما تركه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، والخلفاء الراشدون من بعده، نعم، ثبت ذلك في صلاة الكسوف لا غير، ولا يصح فيه القياس؛ لأن ما وجد سببه في عصره، ولم يفعله، ففعله بعد عصره بدعة، فلا يصح إثباته بقياس، ولا غيره.