وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "لا يقْبلُ الله صلاةَ حائضٍ إلا بخمار" رواهُ الخمسةُ إلا النسائيَّ وصححهُ ابن خُزَيْمة.
 

(وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: لا يَقْبَلُ الله صلاةَ حائض) المراد بها المكلفة؛ وإن تكلفت بالاحتلام مثلاً، وإنما عبر بالحيض نظراً إلى الأغلب (إلا بخمار) بكسر الخاء المعجمة اخره راء، هو هنا: ما يغطي به الرأس والعنق (رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن خزيمة) ، وأخرجه أحمد، والحاكم، وأعله الدارقطني، وقال: إن وقفه أشبه، وأعله الحاكم بالإرسال. ورواه الطبراني في الصغير، والأوسط من حديث أبي قتادة بلفظ: "لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى توارى زينتها، ولا من جارية بلغت المحيض حتى تختمر".
ونفى القبول المراد به هنا: نفي الصحة والإجزاء، وقد يطلق القبول، ويراد به: كون العبادة بحيث يترتب عليها الثواب، فإذا نفى: كان نفياً لما يترتب عليها من الثواب، لا نفياً للصحة، كما ورد: "إن الله لا يقبل صلاة الابق، ولا من في جوفه خمر" كذا قيل. وقد بينا في رسالة الإسبال وحواشي شرح العمدة: أن نفي القبول يلازم نفي الصحة، وفي قوله: "إلا بخمار" ما يدل على أنه يجب على المرأة ستر رأسها، وعنقها، ونحوه مما يقع عليه الخمار.
ويأتي في حديث أبي داود: من حديث أم سلمة في صلاة المرأة في درع وخمار، ليس عليها إزار، وأنه قال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها" فيدل على أنها لا بد في صلاتها من تغطية رأسها، ورقبتها، كما أفاده حديث الخمار، ومن تغطية بقية بدنها حتى ظهر قدميها، كما أفاده حديث أم سلمة، ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد: كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة.
وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة، كما يأتي تحقيقه. وذكره هنا، وجعل عورتها في الصلاة هي عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي، وذكر الخلاف في ذلك ليس محله هنا؛ إذ لها عورة في الصلاة، وعورة في نظر الأجانب، والكلام الان في الأول. والثاني يأتي في محله.