ولهُما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "لا يُصلي أحدُكمْ في الثوب الواحدِ ليسَ على عاتقِهِ منه شيء".
 

(ولهما) أي الشيخين (من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لا يُصلي أحَدُكُمْ في الثّوب الواحد ليس على عاتقه منهُ شيءٌ). أي إذا كان واسعاً، كما دل له الحديث الأول. والمراد: ألا يتزر في وسطه، ويشد طرفي الثوب في حقويه، بل يتوشح به على عاتقه، فيحصل الستر لأعالي البدن، وحمل الجمهور هذا النهي: على التنزيه، كما حملوا الأمر في قوله: "فالتحف به" على الندب. وحمله أحمد على الوجوب، وأنها لا تصح صلاة من قدر على ذلك، فتركه، وفي رواية عنه: تصح الصلاة، ويأثم، فجعله على الرواية الأولى من الشرائط، وعلى الثانية من الواجبات.
واستدل الخطابي للجمهور: بصلاته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في ثوب واحد، كان أحد طرفيه على بعض نسائه وهي نائمة قال: ومعلوم أن الطرف الذي هو لابسه من الثوب غير متسع لأن يتزر به، ويفضل منه ما كان لعاتقه. قلت: وقد يجاب عنه بأن مراد أحمد: مع القدرة على الالتحاف، لا أنه لا تصح صلاته، أو يأثم مطلقاً. كما صرح به قوله: لا تصح صلاة من قدر على ذلك. ويحتمل أنه في تلك الحالة لا يقدر على غير ذلك الثوب، بل صلاته فيه، والحال أن بعضه على النائم: أكبر دليل على أنه لا يجد غيره.