وعن عامر بن ربيعةَ رضي الله عنهُ قالَ: كُنّا مع النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في لَيْلَةٍ مُظْلمةٍ، فأَشْكَلتْ عَلَيْنَا القِبْلَةُ، فَصَلّينا. فلما طَلَعت الشّمس إذا نحنُ صليْنَا إلى غير
 
القِبْلَةِ، فنزلتْ {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أخرجه الترمذي وضعّفه.
(وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه) هو أبو عبد الله عامر بن ربيعة بن مالك العنزي بفتح العين المهملة وسكون النون، وقيل: بفتحها، والزاي. نسبة إلى عنز بن وائل، ويقال له: العدوي. أسلم قديماً، وهاجر الهجرتين، وشهد المشاهد كلها. مات سنة اثنتين أو ثلاث، أو خمس وثلاثين (قال: كنا مع النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في ليلة مظلمة فأَشْكَلَتْ علينا القبْلَةُ فصَلّينا) ظاهره من غير نظر في الأمارات (فلما طَلَعتْ الشمس إذا نحنُ صَلّينا إلى غير القبْلة فنَزَلَتْ" {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أخرجه الترمذي، وضعفه) ، لأن فيه أشعث بن سعيد السمان، وهو ضعيف الحديث.
والحديث دليل على أن من صلى إلى غير القبلة لظلمة، أو غيم: أنها تجزئه صلاته، سواء كان مع النظر في الإمارات والتحري، أو لا، وسواء انكشف له الخطأ في الوقت، أو بعده. ويدل له ما رواه الطبراني من حديث معاذ بن جبل قال: "صلينا مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في يوم غيم، في السفر، إلى غير القبلة، فلما قضى صلاته تجلت الشمس، فقلنا: يا رسول الله صلينا إلى غير القبلة، قال: قد رفعت صلاتكم بحقها إلى الله". وفيه أبو عيلة، وقد وثقه ابن حبان.
وقد اختلف العلماء في هذا الحكم، فالقول: بالإجزاء: مذهب الشعبي، والحنفية، والكوفيين، فيما عدا من صلى بغير تحر، وتيقن الخطأ. فإنه حكى في البحر: الإجماع على وجوب الإعادة عليه، فإن تم الإجماع خص به عموم الحديث.
وذهب اخرون: إلى أنه لا تجب عليه الإعادة إذا صلى بتحر، وانكشف له الخطأ، وقد خرج الوقت. وأما إذا تيقن الخطأ، والوقت باق: وجبت عليه الإعادة، لتوجه الخطاب مع بقاء الوقت، فإن لم يتيقن، فلا يأمن من الخطأ في الاخر، فإن خرج الوقت فلا إعادة للحديث. واشترطوا التحري؛ إذ الواجب عليه عليه تيقن الاستقبال، فإن تعذر اليقين فعل ما أمكنه من التحري، فإن قصر فهو غير معذور، إلا إذا تيقن الإصابة.
وقال الشافعي: تجب الإعادة عليه في الوقت، وبعده، لأن الاستقبال واجب قطعاً، وحديث السرية فيه ضعف.
قلت: الأظهر العمل بخبر السرية، لتقويه بحديث معاذ؛ بل هو حجة وحده. والإجماع قد عرف كثرة دعواهم له، ولا يصح.