وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ما بَيْن المشرق والمغْربِ قِبْلَةٌ" رواهُ الترمذي وقواه البخاريُّ. وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ما بَيْن المشرق والمغْرب قِبْلَةٌ" رواهُ الترمذي وقواه البخاريُّ.
 

وفي التلخيص حديث: "ما بين الشرق والمغرب قبلة" رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعاً، وقال حسن صحيح، فكان عليه هنا أن يذكر تصحيح الترمذي له على قاعدته، ورأيناه في الترمذي بعد سياقه له بسنده من طريقين حسن إحداهما، وصححها ثم قال: وقد روى عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه واله وسلم "ما بين المشرق والمغرب قبلة". منهم عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس. وقال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك، والمشرق عن يسارك، فما بينهما قبلة إذا استقبلت القبلة، وقال ابن المبارك: ما بين المشرق، والمغرب قبلة لأهل المشرق. اهـ.
والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة، لا العين في حق من تعذرت عليه العين، وقد ذهب إليه جماعة من العلماء؛ لهذا الحديث. ووجه الاستدلال به على ذلك: أن المراد: أن ما بين الجهتين قبلة لغير المعاين، ومن في حكمه؛ لأن المعاين لا تنحصر قبلته بين الجهتين المشرق والمغرب، بل كل الجهات في حقه سواء، متى قابل العين، أو شطرها. فالحديث: دليل على أن ما بين الجهتين قبلة: وأن الجهة كافية في الاستقبال، وليس فيه دليل على أن المعاين يتعين عليه العين، بل لا بد من الدليل على ذلك.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} ، خطاب له صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وهو في المدينة، واستقبال العين فيها متعسر، أو متعذر، إلا ما قيل: في محرابه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: ولكن الأمر بتوليته وجهه شطر المسجد الحرام عام لصلاته في محرابه، وغيره، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}: دال على كفاية الجهة؛ إذ العين في كل محل تتعذر على كل مصل، وقولهم: يقسم الجهات حتى يحصل له أنه توجه إلى العين تعمق، لم يرد به دليل، ولا فعله الصحابة وهم خير قبيل. فالحق أن الجهة كافية، ولو لمن كان في مكة وما يليها.