وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا وَطىءَ أحدُكُم الأذَى بخُفّيْهِ فطهُورُهُما التّراب". أخرَجَهُ أبو داود وصحّحهُ ابنُ حِبّان.
 

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إذا وطىء أحدكم الأذى بخفّيه) أي مثلاً، أو نعليه، أو أي ملبوس لقدميه (فطهورهما) أي الخفين (التراب، أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان) ، وأخرجه ابن السكن، والحاكم، والبيهقي: من حديث أبي هريرة، وسنده ضعيف. وأخرجه أبو داود: من حديث عائشة، وفي الباب غير هذه بأسانيد، لا تخلو من ضعف، إلا أنه يشد بعضها بعضاً.
وقد ذهب الأوزاعي: إلى العمل بهذه الأحاديث، وكذا النخعي وقالا: يجزيه أن يمسح خفيه إذا كان فيهما نجاسة بالتراب، ويصلي فيهما؛ ويشهد له: أن أم سلمة سألت النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر، فقال: "يطهره ما بعده". أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه. ونحوه: "أن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلت: يا رسول الله إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا مطرنا؟ فقال: أليس من بعدها طريق هي أطيب منها؟ قلت: بلى، قال: فهذه بهذه" أخرجه أبو داود، وابن ماجه.
قال الخطابي: وفي إسناد الحديثين مقال، وتأوله الشافعي: بأنه إنما هو فيما جرى على ما كان يابساً، لا يعلق بالثوب منه شيء، قلت: ولا يناسبه قولها: "إذا مطرنا". وقال مالك؛ معنى كون الأرض يطهر بعضها بعضاً: أن يطأ الأرض القذرة، ثم يصل للأرض الطيبة اليابسة، فإن بعضها يطهر بعضاً. أما النجاسة تصيب الثوب أو الجسد، فلا يطهرها إلا الماء؛ قال: وهو إجماع.
قيل: ومما يدل لحديث الباب، وأنه على ظاهره: ما أخرجه البيهقي عن أبي المعلى عن أبيه عن جده قال: أقبلت مع علي بن أبي طالب عليه السلام إلى الجمعة، وهو ماش؛ فحال بينه وبين المسجد حوض من ماء وطين، فخلع نعليه وسراويله؛ قال: قلت: هات يا أمير المؤمنين أحمله عنك. قال: لا، فخاض، فلما جاوزه لبس نعليه وسراويله، ثم صلى بالناس، ولم يغسل رجليه. أي ومن المعلوم: أن الماء المجتمع في القرى لا يخلو عن النجاسة.