وعن أبي قتَادة رضي الله عنه قالَ: كان رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُصَلي وهو حامِلٌ أُمامةَ ــــ بنت زينب ــــ فإذا سَجَدَ وضعها. وإذا قامَ حَمَلَهَا. متفقٌ عليه. ولمسلمٍ: وهو يؤمُّ الناسَ في المسجدِ.
 

(وعن أبي قتادة قال: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُصلي وهوحاملٌ أُمامةَ) بضم الهمزة (بنت زينب) هي أُمها، وهي زينب: بنت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. وأبوها: أبو العاص بن الربيع (فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها متفق عليه: ولمسلم) زيادة (وهو يؤم الناس في المسجد) في قوله: كان يصلي ما يدل على أن هذه العبارة لا تدل على التكرار مطلقاً؛ لأن هذا الحمل لأمامة وقع منه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مرة واحدة، لا غير.
والحديث دليل على أن حمل المصلي في الصلاة حيواناً ادمياً، أو غيره لا يضر صلاته، سواء كان ذلك لضرورة، أو غيرها، وسواء كان في صلاة فريضة أو غيرها، وسواء كان إماماً أو منفرداً، وقد صرح في رواية مسلم: أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان إماماً، فإذا جاز في حال الإمامة جاز في حال الانفراد. وإذا جاز في الفريضة جاز في النافلة بالأولى. وفيه دلالة على طهارة ثياب الصبيان وأبدانهم، وأنه الأصل ما لم تظهر النجاسة.
وأن الأفعال التي مثل هذه لا تبطل الصلاة؛ فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يحملها ويضعها، وقد ذهب إليه الشافعي، ومنع غيره من ذلك، وتأولوا الحديث بتأويلات بعيدة: منها: أنه خاص به صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. ومنها: أن أُمامةَ كان تعلق به من دون فعل منه. ومنها: أنه للضرورة، ومنهم من قال: إنه منسوخ، وكلها دعاوى بغير برهان واضح، وقد أطال ابن دقيق العيد في شرح العمدة القول في هذا، وزدناه إيضاحاً في حواشيها.