عن أبي جُهَيْم بن الحارث رضي الله عنهُ قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لوْ يَعْلَمُ المارُّ بَيْنَ يدي المُصلي ماذا عليْه من الإثم لكان أن يقف أربعينَ خيْراً له منْ أنْ يمُر بين يديه" متّفق عليه، واللفظُ للبخاريِّ، ووقعَ في البَزَّار من وجهٍ اخر "أَربعين خريفاً".
 

(عن أبي جهيم) بضم الجيم مصغر جهم، وهو عبد الله بن جهيم. وقيل: هو عبد الله بن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم، الأنصاري، له حديثان، هذا أحدهما، والاخر في السلام على من يبول. وقال فيه أبو داود: أبو الجهيم بن الحارث بن الصمة. وقد قيل: إن راوي حديث البول: رجل اخر، هو عبد الله بن الحارث، والذي هنا عبد الله بن جهيم وأنهما اثنان.
(قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: لوْ يعلم المارُّ بين يَدَيِ المُصَلِّي ماذا عليه من الإثمِ) لفظ من الإثم ليس من ألفاظ البخاري، ولا مسلم، بل قال المصنف في فتح الباري: إنها لا توجد في البخاري إلا عند بعض رواته، وقدح فيه: بأنه ليس من أهل العلم. قال: وقد عيب على الطبري نسبتها إلى البخاري في كتابه الأحكام، وكذا عيب على صاحب العمدة نسبتها إلى الشيخين معاً اهـ فالعجب من نسبة المصنف لها هنا إلى الشيخين، فقد وقع له من الوهم ما وقع لصاحب العمدة (لكان أن يقف أربعينَ خيراً لَهُ من أن يَمُرّ بين يديهِ. متفق عليه واللفظ للبخاري) وليس فيه ذكر مميز الأربعين (ووقع في البزار) أي من حديث أبي جهيم (من وجه) أي من طريق رجالها غير رجل المتفق عليه (أربعين خريفاً) أي عاماً، أطلق الخريف على العام، من إطلاق الجزء على الكل.
والحديث دليل على تحريم المرور بين يدي المصلي: أي ما بين موضع جبهته في سجوده، وقدميه، وقيل: غير هذا، وهو عام في كل مصل فرضاً، أو نفلاً، سواء كان إماماً، أو منفرداً، وقيل: يختص بالإمام والمنفرد، إلا المأموم، فإنه لا يضره من مر بين يديه؛ لأن سترة الإمام سترة له، وإمامه سترة له، إلا أنه قد رد هذا القول: بأن السترة إنما ترفع الحرج عن المصلي، لا عن المار. ثم ظاهر الوعيد يختص بالمار، لا بمن وقف عامداً مثلاً بين يدي المصلي، أو قعد، أو رقد، ولكن إذا كان العلة فيه التشويش على المصلي، فهو في معنى المار.