وعن أبي هريرة أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "إذَا صلى أحدُكم فَلْيجعل تِلْقاءَ وَجْهِه شَيئاً، فإن لم يجد فلينْصِب عصا، فإن لمْ يكُن فلْيَخُطَّ خطَّاً، ثمَّ لا يضُرُّهُ منْ مرَّ بين يديْه" أخرجهُ أحمد وابنُ ماجهْ، وصحّحهُ ابنُ حِبّان، ولمْ يُصِبْ من زعمَ أنَّهُ مُضطَربٌ، بل هو حسنٌ.
 

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: إذا صلى أحدكم فلْيجعلْ تلقاءَ وجهِهِ شيئاً، فإنْ لم يجد فلْينصب عصاً، فإن لم يكن فلْيَخُطُّ خطّاً، ثمَّ لا يضره من مرَّ بين يديه. أخرجه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، ولم يصب من زعم) وهو ابن الصلاح (أنه مضطرب) فإنه أورده مثالاً للمضطرب فيه (بل هو حسن) ونازعه المصنف في النكت، وقد صححه أحمد، وابن المديني، وفي مختصر السنن، قال سفيان بن عيينة: لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجيء إلا من هذا الوجه، وكان إسماعيل بن أمية إذا حدث بهذا الحديث يقول: هل عندكم شيء تشدونه به؟ وقد أشار الشافعي: إلى ضعفه، وقال البيهقي: لا بأس به في مثل هذا الحكم، إن شاء الله تعالى.
والحديث دليل على أن السترة تجزىء بأي شيء كانت. وفي مختصر السنن: قال سفيان بن عيينة: رأيت شريكاً صلى بنا في جنازة العصر، فوضع قلنسوته بين يديه. وفي الصحيحين من رواية ابن عمر: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: كان يعرض راحلته فيصلي إليها"، وقد تقدم: أنه أي: المصلي إذا لم يجد: جمع تراباً، أو أحجاراً، واختار أحمد بن حنبل: أن يكون الخط كالهلال. وفي قوله: "ثم لا يضره شيء" ما يدل: أنه يضره إذا لم يفعل: إما بنقصان من صلاته، أو بإبطالها على ما ذكر: أنه يقطع الصلاة، إذ في المراد بالقطع: الخلاف، كما تقدم. وهذا فيما إذا كان المصلي إماماً، أو منفرداً، لا إذا كان مؤتماً، فإن الإمام سترة له، أو سترته سترة له، وقد سبق قريباً، وقد بوب له البخاري، وأبو داود، وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس مرفوعاً: "سترة الإمام لمن خلفه"، وإن كان فيه ضعف.
واعلم أن الحديث عام: في الأمر باتخاذ السترة في الفضاء وغيره، فقد ثبت: أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "كان إذا صلى إلى جدار جعل بينه وبينه قدر ممر الشاة، ولم يكن يتباعد منه، بل أمر بالقرب من السترة، وكان إذا صلى إلى عود، أو عمود، أو شجرة: جعله على جانبه الأيمن، أو الأيسر، ولم يصمد له صمداً، وكان يركز الحربة في السفر، أو العنزة، فيصلي إليها، فتكون سترته، وكان يعرض راحلته فيصلي إليها". وقال الشافعية على ذلك: بسط المصلي لنحو سجادة، بجامع إشعار المار أنه في الصلاة، وهو صحيح.