عن أبي هُريرة رضي الله عنه قالَ: نَهى رسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن يُصَلي الرَّجُلُ مختصراً. متفقٌ عليه. واللفظ لمسْلم، ومعناه أن يجْعلَ يدهُ على خاصرتِه
 

باب الحث على الخشوع في الصلاة
في القاموس: الخشوع: الخضوع، أو قريب من الخضوع، أو هو في البدن، والخشوع في الصوت والبصر والسكون والتذلل. وفي الشرع: الخضوع: تارة يكون في القلب، وتارة يكون من قبل البدن، كالسكوت، وقيل لا بد من اعتبارهما، حكاه الفخر الرازي في تفسيره. ويدل على أنه من عمل القلب: حديث عليّ عليه السلام: "الخشوع في القلب" أخرجه الحاكم. قلت: ويدل له حديث: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه"، وحديث الدعاء في الاستعاذة: "وأعوذ بك من قلب لا يخشع". وقد اختلف في وجوب الخشوع في الصلاة. فالجمهور على عدم وجوبه، وقد أطال الغزالي في الإحياء: الكلام في ذلك، وذكر أدلة وجوبه، وادعى النووي: الإجماع على عدم وجوبه.
عن أبي هُريرة رضي الله عنه قالَ: نَهى رسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن يُصَلي الرَّجُلُ مختصراً. متفقٌ عليه. واللفظ لمسْلم، ومعناه أن يجْعلَ يدهُ على خاصرتِه.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم) هذا إخبار من أبي هريرة: عن نهيه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، ولم يأت بلفظه الذي أفاد النهي، لكن هذا: له حكم الرفع (أنْ يُصَليَ الرَّجُلُ) ومثله المرأة (مختصراً) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة، وفتح المثناة الفوقية فصاد مهملة مكسورة فراء، وهو منتصب على الحال، وعامله يصلي، وصاحبه الرجل. (متفق عليه واللفظ لمسلم) ، وفسره المصنف أيضاً بقوله: (ومعناه أن يجعل يده) اليمنى أو اليسرى (على خاصرته) كذلك: أي الخاصرة اليمنى، أو اليسرى، أو هما معاً عليهما، إلا أن تفسيره بما ذكر يعارضه: ما في القاموس من قوله: وفي الحديث: "المختصرون يوم القيامة على وجوههم النور" أي: المصلون بالليل، فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم. اهـ، إلا أني لم أجد الحديث مخرجاً، فإن صح، فالجمع بينه وبين حديث الكتاب: أن يتوجه النهي إلى من فعل ذلك بغير تعب، كما يفيده قوله في تفسيره: فإذا تعبوا، إلا أنه يخالفه تفسير النهاية فإنه يقول: أراد: أنهم يأتون، ومعهم أعمال صالح يتكئون عليها. وفي القاموس: الخاصرة: الشاكلة وما بين الحرقفة، والقصيري، وفسر الحرقفة بعظم الحجبة: أي: رأس الورك، وهذا التفسير الذي ذكره المصنف عليه الأكثر، وقيل: الاختصار في الصلاة هو: أن يأخذ بيده عصا يتوكأ عليها، وقيل: أن يختصر السورة، ويقرأ من اخرها اية أو ايتين، وقيل: أن يحذف من الصلاة، فلا يمد قيامها وركوعها وسجودها وحدودها. والحكمة في النهي عنه بينها قوله:
وفي البخاري عن عائشةَ: أنَّ ذلك فِعْل اليهود في صلاتهم.
(وفي البخاري عن عائشة أن ذلك) أي الاختصار في الصلاة (فعل اليهود في صلاتهم).
وقد نهينا عن التشبه بهم في جميع أحوالهم، فهذا وجه حكمة النهي، لا ما قيل: إنه فعل الشيطان، أو أن إبليس أهبط من الجنة كذلك، أو إنه فعل المتكبرين؛ لأن هذه علل تخمينية، وما ورد منصوصاً: أي عن الصحابي هو العمدة؛ لأنه أعرف بسبب الحديث، ويحتمل أنه مرفوع، وما ورد في الصحيح مقدم على غيره؛ لورود هذه الأشياء أثراً. وفي ذكر المصنف للحديث في باب الخشوع ما يشعر بأن العلة في النهي عن الاختصار: أنه ينافي الخشوع.