وعن أبي ذَرَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا قامَ أَحَدُكم في الصلاةِ فلا يمسَح الحَصى، فإنَّ الرحمَةَ تُواجِهُهُ، رواهُ الخمسة بإسنادٍ صحيح، وزادَ أحْمدُ "واحدةً أوْ دَعْ".
 

(وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا قام أحدكم في الصلاة) أي دخل فيها (فلا يمسح الحصى) أي من جبهته أو من محل سجوده، (فإنّ الرحمة تُواجِهه. رواه الخمسة بإسناد صحيح وزاد أحمد) في روايته (واحدة، أوْ دَعْ) في هذا النقل قلق؛ لأنهم يفهم أنه زاد أحمد على هذا اللفظ الذي ساقه المصنف، ومعناه: على هذا فلا يمسح واحدة، أو دَعْ، وهو غير مراد. ولفظه عند أحمد عن أبي ذر: "سألت النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عن كل شيء، حتى سألته عن مسح الحصاة، فقال: واحدة، أو دع" أي امسح واحدة، أو اترك المسح، فاختصار المصنف أخل بالمعنى، وكأنه اتكل في بيان معناه على لفظه لمن عرفه، ولو قال: وفي رواية لأحمد: الإذن بمسحة واحدة، لكان واضحاً.
والحديث دليل على النهي عن مسح الحصاة بعد الدخول في الصلاة، لا قبله، فالأولى له أن يفعل ذلك، لئلا يشغل باله وهو في الصلاة، والتقييد بالحصى، أو التراب، كما في رواية: للغالب، ولا يدل على نفيه عما عداه.
قيل والعلة في النهي: المحافظة على الخشوع، كما يفيده سياق المصنف للحديث في هذا الباب، أو لئلا يكثر العمل في الصلاة. وقد نص الشارع على العلة بقوله: "فإن الرحمة تواجهه": أي تكون تلقاء وجهه، فلا يغير ما تعلق بوجهه من التراب والحصى، ولا ما يسجد عليه، إلا أن يؤلمه، فله ذلك، ثم النهي ظاهر في التحريم.
وفي الصحيح عن مُعَيْقيب نحوهُ بغير تعْليل.
(وفي الصحيح) أي المتفق عليه (عن معيقيب) بضم الميم وفتح العين المهملة والمثناة التحتية، وكسر القاف بعدها تحتية ساكنة بعدها موحدة. هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، شهد بدراً، وكان قد أسلم قديماً بمكة، وهاجر إلى الحبشة: الهجرة الثانية، وأقام بها حتى قدم النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم المدينة، وكان على خاتم النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، واستعمله أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما على بيت المال. مات سنة ست وأربعين، وقيل: في اخر خلافة عثمان (نحوه) أي: نحو حديث أبي ذر، ولفظه: "لا تمسح الحصى وأنت تصلي، فإن كنت لا بد فاعلاً فواحدة لتسوية الحصى" (بغير تعليل) أي ليس فيه: أن الرحمة تواجهه.