وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألْتُ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عنْ الالْتِفَاتِ في الصَّلاة؟ فقالَ: "هوَ اختلاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشْيطانُ من صلاة العبْد" رواهُ البُخاريُّ. وللترمذي ــــ وصحّحهُ ــــ: "إيَّاكِ والالتِفات في الصلاة، فإنّه هَلَكَةٌ، فإنْ كان لا بُدَّ ففي التطوُّعِ".
 

(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عن الالتفات في الصلاة، فقال: هو اختلاس) بالخاء المعجمة فمثناة فوقية اخره سين مهملة، هو الأخذ للشيء على غفلة (يَخْتَلسُهُ الشَيْطانُ من صلاة العَبْدِ. رواه البخاري) قال الطيبي: سماه اختلاساً؛ لأن المصلي يقبل على ربه تعالى، ويترصد الشيطان فوات ذلك عليه، فإذا التفت استلبه ذلك، وهو دليل على كراهة الالتفات في الصلاة، وحمله الجمهور على ذلك، إذا كان التفاتاً لا يبلغ إلى استدبار القبلة بصدره، أو عنقه كله، وإلا كان مبطلاً للصلاة.
وسبب الكراهة: نقصان الخشوع، كما أفاده إيراد المنصف للحديث في هذا الباب، أو ترك استقبال القبلة ببعض البدن، أو لما فيه من الإعراض عن التوجه إلى الله تعالى، كما أفاده ما أخرجه أحمد وابن ماجه من حديث أبي ذر: "لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف" أخرجه أبو داود، والنسائي.
(وللترمذي) أي عن عائشة (وصححه: إيّاكِ) بكسر الكاف؛ لأنه خطاب المؤنث (والالتفات) بالنصب لأنه محذَّر منه (في الصلاة فإنه هلكة) ؛ لإخلاله بأفضل العبادات، وأي هلكة أعظم من هلكة الدين؟ (فإن كان لا بدّ) من الالتفات (ففي التّطَوُّعِ) قيل: والنهي عن الالتفات إذا كان لغير حاجة، وإلا فقد ثبت: "أن أبا بكر رضي الله عنه التفت لمجيء النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في صلاة الظهر"، والتفت الناس. لخروجه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في مرض موته، حيث أشار إليهم، ولو لم يلتفتوا ما علموا بخروجه، ولا إشارته، وأقرهم على ذلك.