[رح7] ــــ وعن أنس قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا كانَ أحَدُكمْ في الصَّلاة فإنّهُ يُناجي ربَّهُ، فلا يَبْصُقَنَّ بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تَحْتَ قدَمه" متّفقٌ عليه. وفي رواية: "أو تَحْتَ قدَمِهِ".
 

(وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إذا كان أحدكم في الصّلاة فإنه يناجي ربّه) وفي رواية في البخاري: "فإن ربه بينه وبين القبلة" والمراد من المناجاة: إقباله تعالى عليه بالرحمة والرضوان (فلا يَبْصُقنّ بين يديه ولا عنْ يمينه) قد علل في حديثه أبي هريرة: بأن عن يمينه ملكاً (ولكنْ عن شمالهِ تحت قدمِه متفق عليه. وفي رواية: أو تحت قدَمِهِ).
الحديث نهى عن البصاق إلى جهة القبلة، أو جهة اليمين إذا كان العبد في الصلاة. وقد ورد النهي مطلقاً عن أبي هريرة، وأبي سعيد: "أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم رأى نخامة في جدار المسجد، فتناول حصاة، فحتها وقال: "إذا تنخم أحدكم، فلا يتنخمن قِبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصقن عن يساره، أو تحت قدمه اليسرى" متفق عليه. وقد جزم النووي: بالمنع في كل حالة: داخل الصلاة وخارجها: سواء كان في المسجد أو غيره، وقد أفاده حديث أنس في حق المصلي، إلا أن غيره من الأحاديث قد أفادت تحريم البصاق إلى القبلة مطلقاً، في المسجد وفي غيره، وعلى المصلي وغيره.
ففي صحيح ابن خزيمة وابن حبان: من حديث حذيفة مرفوعاً: "من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه"، ولابن خزيمة: من حديث ابن عمر مرفوعاً: "يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه"، وأخرج أبو داود وابن حبان: من حديث السائب بن خلاد: "أن رجلاً أمَّ قوماً فبصق في القبلة، فلما فرغ، قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لا يصلي لكم". ومثل البصاق إلى القبلة: البصاق عن اليمين، فإنه منهي عنه مطلقاً أيضاً. وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود: "أنه كره أن يبصق عن يمينه وليس في الصلاة"، وعن معاذ بن جبل: "ما بصقت عن يميني منذ أسلمت"، وعن عمر بن عبد العزيز: أنه نهى عنه أيضاً. وقد أرشد صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إلى أي جهة يبصق فقال: "عن شماله تحت قدمه"، فبيّن الجهة: أنها جهة الشمال، والمحل: أنه تحت القدم. وورد في حديث أنس عند أحمد، ومسلم بعد قوله: "ولكن عن يساره أو تحت قدمه" زيادة: "ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ورد بعضه على بعض فقال: أو يفعل هكذا، وقوله: "أو تحت قدمه" خاص بمن ليس في المسجد، وأما إذا كان فيه، ففي ثوبه؛ لحديث: "البصاق في المسجد خطيئة"، إلا أنه قد يقال: المراد البصاق إلى جهة القبلة، أو جهة اليمين خطيئة، لا تحت القدم، أو عن شماله؛ لأنه قد أذن فيه الشارع، ولا يأذن في خطيئة. هذا وقد سمعت: أنه علل صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم النهي عن البصاق على اليمين: بأن عن يمينه ملكاً، فأورد سؤال، وهو: أن على الشمال أيضاً ملكاً، وهو كاتب السيئات، وأجيب: بأنه اختص بذلك ملك اليمين: تخصيصاً له وتشريفاً وإكراماً، وأجاب بعض المتأخرين: بأن الصلاة: أم الحسنات البدنية، فلا دخل لكاتب السيئات فيها.
واستشهد لذلك بما أخرجه ابن أبي شيبة: من حديث حذيفة موقوفاً في هذا الحديث: "ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه كاتب الحسنات"، وفي الطبراني من حديث أمامة: في هذا الحديث: "فإنه يقوم بين يدي الله، وملك عن يمينه، وقرينه عن يساره"، وإذا ثبت هذا فالتفل يقع على القرين، وهو الشيطان، ولعل ملك اليسار حينئذ بحيث لا يصيبه شيء من ذلك، أو أنه يتحول في الصلاة إلى جهة اليمين.