وعنهُ أنَّ عُمر رضي الله عنه مرَّ بحسّان يُنْشِدُ في المسجد، فلَحَظَ إليه، فقال: قد كُنْتُ أُنْشدُ فيه، وفيه مَنْ هُو خيرٌ منْكَ، متّفق عليه.
 

(وعنه) أي أبي هريرة: (أن عمر رضي الله عنه مرّ بحسان) بالحاء المهملة مفتوحة فسين مهملة مشددة. هو ابن ثابت، شاعر رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، يكنى أبا عبد الرحمن. أطال ابن عبد البر في ترجمته في الاستيعاب قال: وتوفي حسان قبل الأربعين في خلافة عليّ عليه السلام، وقيل: بل مات سنة خمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة (ينشد) بضم حرف المضارعة وسكون النون وكسر الشين المعجمة (في المسجد فلحظ إليه) أي نظر إليه، وكأنَّ حسّاناً فهم منه نظر الإنكار (فقال: قد كنتُ أنشد فيه، وفيهِ) أي المسجد (من هو خير منك) يعني: رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (متفق عليه) وقد أشار البخاري في باب بدء الخلق: في هذه القصة: أن حساناً أنشد في المسجد: ما أجاب به المشركين عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم.
ففي الحديث دلالة على جواز إنشاد الشعر في المسجد. وقد عارضه أحاديث. أخرج ابن خزيمة، وصححه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "نهى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عن تناشد الأشعار في المسجد" وله شواهد، وجمع بينها وبين حديث الباب: بأن النهي محمول على تناشد أشعار الجاهلية وأهل البطالة، وما لم يكن فيه غرض صحيح، والمأذون فيه ما سلم من ذلك، وقيل: المأذون فيه مشروط: بأن لا يكون ذلك مما يشغل من في المسجد.