[رح 21/542] ـ (وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ رَسُولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "البصاق) في القاموس البصاق كغراب والبساق والبزاق ماء الفم إذ خرج منه، وما دام
 
فيه فهو ريق، وفي لفظ للبخاري: البزاق، ولمسلم: التفل. (في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها" متفق عليه).
الحديث دليل على أن البصاق في المسجد خطيئة والدفن يكفرها، وقد عارضه ما تقدم من حديث: "فليبصق عن يساره أو تحت قدمه". فإن ظاهره سواء كان في المسجد أو غيره. قال النووي: عما عمومان، لكن الثاني مخصوص بما إذا لم يكن في المسجد ويبقى عموم الخطيئة إذا كان في المسجد من دون تخصيص، وقال القاضي عياض: إنما يكون البصاق في المسجد خطيئة إذا لم يدفنه، وأما إذا أراد دفنه فلا. وذهب إلى هذا أئمة من أهل الحديث، ويدل له حديث أحمد، والطبراني بإسناد حسن، من حديث أبي أمامة مرفوعاً: "من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة فإن دفنه فحسنه". فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن، ونحوه حديث أبي ذر عند مسلم مرفوعاً: "وجدت في مساوىء أمتي النخاعة تكون في المسجد لا تدفن"، وهكذا فهم السلَفَ، ففي سنن سعيد بن منصور، وعن أبي عبيدة بن الجراح: "أنه تنخم في المسجد ليلة فنسى أن يدفنها حتى رجع إلى منزله، فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها، وقال: الحمد لله، حيث لم تكتب على خطيئة الليلة". فدل على أنه فهم أن الخطيئة مختصة بمن تركها وقدمنا وجهاً من الجمع، وهو أن الخطيئة حيث كان التفل عن اليمين أو إلى جهة القِبْلة لا إذا كان عن الشمال وتحت القدم، فالحديث هذا مخصص بذلك ومقيد به، قال الجمهور: والمراد أي من دفنها في تراب المسجد ورمله وحصاه، وقول من قال: المراد من دفنها إخراجها من المسجد بعيد.