[رح 61/942] ـ وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
 

(وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" متفق عليه).
الحديث نهى عن جلوس الداخل إلى المسجد إلا بعد صلاته ركعتين وهما تحية المسجد. وظاهره وجوب ذلك، وذهب الجمهور إلى أنه ندب واستدلوا بقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم للذي رآه يتخطى: "اجلس فقد آذيت"، ولم يأمره بصلاتهما وبأنه قال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لمن علمه الأركان الخمسة فقال: لا أزيد عليها: أفلح إن صدق".
الأول: مردود بأنه لا دليل على أنه لم يصلهما فإنه يجوز أنه صلاهما في طرف المسجد، ثم جاء يتخطى الرقاب. والثاني: بأنه قد وجب غير ما ذكر كصلاة الجنائز ونحوها ولا مانع من أنه وجب بعد قوله: "لا أزيد" واجبات وأعلمه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بها.
ثم ظاهر الحديث أنه يصليهما في أي وقت شاء ووقت الكراهة، وفيه خلاف وقررناه في حواشي شرح العمدة أنه لا يصليهما من دخل المسجد في أوقات الكراهة، وقررنا أيضاً أن وجوبهما هو الظاهر لكثرة الأوامر الواردة به وظاهره أنه إذا جلس ولم يصلهما لا يشرع له أن يقوم فيصليهما، وقال جماعة: يشرع له التدارك، لما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر أنه دخل المسجد، فقال له النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ركعت ركعتين قال: لا قال: قم فاركعهما". وترجم عليه ابن حبان تحية المسجد لا تفوت بالجلوس، وكذلك ما يأتي من قصة سليك الغطفاني وقوله: "ركعتين" لا مفهوم له في جانب الزيادة، بل في جانب القلة فلا تتأدى سنة التحية بركعة واحدة. قال في الشرح: وقد أخرج من عموم المسجد المسجد الحرام فتحيته الطواف، وذلك لأن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بدأ فيه بالطواف.
قلت: هكذا ذكره ابن القيم في الهدى. وقد يقال: إنه لم يجلس فلا تحية للمسجد الحرام إذ التحية إنما تشرع لمن جلس، والداخل المسجد الحرام يبدأ بالطواف ثم يصلي صلاة المقام فلا يجلس إلا وقد صلى نعم لو دخل المسجد الحرام وأراد القعود قبل الطواف، فإنه يشرع له صلاة التحية كغيره من المساجد، وكذلك قد استثنوا صلاة العيد لأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لم يصل قبلها ولا بعدها، ويجاب عنه بأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ما جلس حتى يتحقق في حقه أنه ترك التحية، بل وصل إلى الجنانة أو إلى المسجد فإنه صلى العيد في مسجده مرة واحدة، ولم يقعد بل وصل إلى المسجد ودخل في صلاة العيد، وأما الجنابة فلا تحية لها إذ ليست بمسجد إذا، وأما إذا اشتغل الداخل بالصلاة كأن يدخل وقد أقيمت الفريضة فيدخل فيها فإنها تجزئه عن ركعتي التحية، بل هو منهي عنها بحديث: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".

الموضوع التالي


[رح 1/052] ـ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قَالَ: "إِذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتقَبِلِ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرُآنَ، ثُمَّ اركْعْ حَتَى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتِدِلَ قَائِماً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ كُلِّهَا". أخرجه السَّبْعَةُ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ، وَلابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ مُسْلِمِ: "حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِماً".