وعن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه عنْ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: أنّهُ كان إذا قام إلى الصلاة قالَ: "وجّهْتُ وجْهي للذي فَطَرَ السّمواتِ والأرض ــــ إلى قوله: منَ المُسْلمين، اللهمَّ أنت الملك لا إلهَ إلاَّ أنت، أَنْت ربِّي وأنا عَبْدُك ــــ إلى اخره" رواهُ مُسْلمٌ، وفي رواية له: إنَّ ذلك في صلاة الليل.
 

(وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: (وجهت وجهي للذي فطر السموات) أي قصدت بعبادتي (إلى قوله: من المسلمين) وفيه روايتان: أن يقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} بلفظ الاية، ورواية: وأنا من المسلمين، وإليها أشار المصنف (اللهم أنت الملك لا إله إلَّا أنت، أنت ربي وأنا عبدكَ إلى اخره. رواه مسلم) تمامه: "ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك".
وقوله: "فطر السموات والأرض" أي ابتدأ خلقهما من غير مثال سبق. وقوله: "حنيفاً" أي مائلاً إلى الدين الحق، وهو الإسلام، وزيادة: "وما أنا من المشركين" بيان للحنيف، وأيضاً لمعناه، النسك: العبادة، وكل ما يتقرب به إلى الله، وعطفه على الصلاة من عطف العام على الخاص. وقوله: "ومحياي ومماتي" أي حياتي وموتي لله: أي هو المالك لهما والمختص بهما. وقوله: "رب العالمين" الرب: الملك، والعالمين جمع عالم مشتق من العلم، وهو اسم لجميع المخلوقات، كذا قيل. وفي القاموس العالم: الخلق كله، أو ما حواه بطن الفلك، ولا يجمع فاعل بالواو والنون غيره، وغير ياسم.
وقوله: "لا شريك له" تأكيد لقوله: "رب العالمين" المفهوم منه الاختصاص. وقوله: "اللهم أنت الملك" أي المالك لجميع المخلوقات. وقوله: "ظلمت نفسي" اعتراف بظلم نفسه، قدمه على سؤال المغفرة. ومعنى (لبيك) أقيم على طاعتك، وامتثال أمرك إقامة متكررة "وسعديك" أي أسعد أمرك، وأتبعه إسعاداً متكرراً. ومعنى "الخير كله في يديك" الإقرار بأن كل خير واصل إلى العباد، ومرجو وصوله، فهو في يديه تعالى. ومعنى "والشر ليس إليك" أي ليس مما يتقرب إليه به: أي يضاف إليك، فلا يقال يا رب الشر، أو لا يصعد إليك؛ فإنه إنما يصعد إليه الكلم الطيب، ومعنى "أنا بك وإليك" أي: التجائي وانتهائي إليك، وتوفيقي بك، ومعنى "تباركت": استحققت الثناء، أو ثبت الخير عندك، فهذا ما يقال في الاستفتاح مطلقاً.
(وفي رواية له) أي لمسلم: (أنَّ ذلك) كان يقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (في صلاة الليل) ، ونقل المصنف في التلخيص عن الشافعي، وابن خزيمة: أنه يقال في المكتوبة، وأن حديث علي عليه السلام ورد فيها، فعلي كلامه هنا يحتمل أنه مختص بها هذا الذكر، ويحتمل أنه عام، وأنه يخير العبد بين قوله عقيب التكبير، أو قول ما أفاده:
وعنْ أبي هُريرة رضي الله عنه قالَ: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا كبّرَ لِلصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً، قَبْلَ أَنْ يقْرأَ، فسَأَلْتُهُ، فقالَ: "أقولُ: اللّهُمَّ باعدْ بيْني وبَيْنَ خطاياي كما باعدْتَ بين المشرق والمغْرِبِ، اللَّهُمَّ نقِّني من خَطايايَ، كما ينقّى الثّوبُ الأبيض من الدَّنس، اللهُمَّ اغسلني من خطايايَ بالماءِ والثلجِ والبرَدِ" متفق عليه.

الموضوع السابق


وعن أبي حُميدٍ السّاعدي رضي الله تعالى عنه قالَ: رأيتُ رسولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا كَبّرَ جعلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكبيه، وإذا رَكَعَ أمْكنَ يديهِ من ركبتيْهِ، ثمَّ هَصَرَ ظهرَهُ، فإِذ رفعَ رأسه استَوى حتى يعُودَ كُل فَقَارٍ مَكَانَهُ، فإذا سجدَ وضَعَ يديْهِ غَيْرَ مُفْترشٍ ولا قابضهما، واستقبل بأطرافِ أصابع رجْليْه القِبْلة، وإذا جلس في الرَّكْعتين جلس على رجْله اليُسرى ونَصَبَ الْيُمنى، وإذا جلس في الرَّكْعةِ الأخيرة قدَّمَ رجْلهُ اليُسْرَى ونَصَبَ الأخْرى، وقعدَ على مقْعدَتِهِ. أخرجه البخاري.