وعنْ نُعَيْمِ المُجْمِر، قالَ: صَلّيتُ وراءَ أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. فقرأ (بسم الله الرَّحمن الرَّحيم). ثمَّ قرأ بأُمِّ القُران، حتى إذا بلغ (ولا الضَّالين) قال: "امين" ويَقولُ كُلّما سجدَ، وإذا قامَ من الجلوس: الله أكبرُ، ثمَّ يقول إذا سَلّمَ: والذي نفسي بيده إني لأشْبَهُكُمْ صلاةً برسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. رواهُ النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ.
 

(وعن نعيم) بضم النون وفتح العين المهملة مصغر (المجمر) بضم الميم وسكون الجيم وكسر الميم وبالراء، ويقال: وتشديد الميم الثانية، ذكره الحلبي في شرح العمدة، هو أبو عبد الله مولى عمر بن الخطاب، سمع من أبي هريرة، وغيره، وسمى مجمراً؛ لأنه أمر أن يجمر مسجد المدينة كل جمعة حين ينتصف النهار (قال: صليت وراء أبي هريرة، فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأُم القران، حتى إذا بلغ "ولا الضَّالين" قال: امين ويقول كلما سجد، وإذا قام من الجلوس) أي: التشهد الأوسط، وكذلك إذا قام من السجدة الأولى، والثانية (الله أكبر) وهو تكبير النقل (ثمَّ يقول) أي أبو هريرة: (إذا سلم والذي نفسي بيده) أي: روحي في تصرفه (إني لأشبهكم صلاة برسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. رواه النسائي وابن خزيمة).
وذكره البخاري تعليقاً وأخرجه السراج، وابن حبان، وغيرهم، وبوب عليه النسائي: "الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم"، وهو أصح حديث ورد في ذلك، فهو مؤيد للأصل، وهو كون البسملة حكمها: حكم الفاتحة في القراءة: جهراً، وإسراراً؛ إذ هو ظاهر في أنه كان صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقرأ بالبسملة؛ لقول أبي هريرة: "إني لأشبهكم صلاة برسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم"، وإن كان محتملاً: أنه يريد: في أكثر أفعال الصلاة، وأقوالها، إلا أنه خلاف الظاهر، ويبعد من الصحابي: أن يبتدع في صلاته شيئاً: لم يفعله رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فيها، ثم يقول: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم.
وفيه دليل: على شرعية التأمين للإمام، وقد أخرج الدارقطني في السنن من حديث وائل بن حجر: "سمعت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا قال: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين". قال: امين يمد بها صوته" وقال: إنه حديث صحيح، ودليل على تكبير النقل، ويأتي ما فيه مستوفى، في حديث أبي هريرة.
وأما الرعاف ففي نقضه الخلاف أيضاً، فمن قال بنقضه فهو عمل بهذا الحديث، ومن قال بعدم نقضه فإنه عمل بالأصل، ولم يرفع هذا الحديث.