وعن حُذيفةَ رضي الله عنه قالَ: صَلّيْتُ مع النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَمَا مَرّتِ به اية رحْمةٍ إلا وَقَفَ عنْدها يسْأَلُ. ولا اية عَذَاب إلَّا تَعوَّذ منها. أخرجهُ الخمسة. وحسنه الترمذي.
 

(وعن حذيفة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فما مرّت به اية رحمةً إلا وقف عندها يسأل) أي يطلب من الله رحمته (ولا اية عذاب إلا تعوذ منها) مما ذكر فيها (أخرجه، وحسنه الترمذي).
في الحديث دليل على أنه ينبغي للقارئ في الصلاة تدبر ما يقرؤه، وسؤال رحمته، والاستعاذة من عذابه، ولعل هذا كان في صلاة الليل، وإنما قلنا ذلك؛ لأن حديث حذيفة مطلق، وورد تقييده بحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: "سمعت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقرأ في صلاة ليست بفريضة، فمر بذكر الجنة والنار فقال: أعوذ بالله من النار ويل لأهل النار" رواه أحمد، وابن ماجه بمعناه، وأخرج أحمد عن عائشة: "قمت مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ليلة التمام، فكان يقرأ بالبقرة، والنساء، وال عمران، ولا يمر باية فيها تخويف إلا دعا الله عز وجل، واستعاذ، ولا يمر باية فيها استبشار إلا دعا الله عز وجل، ورغب إليه".
وأخرج النسائي، وأبو داود، من حديث عوف بن مالك: "قمت مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، فبدأ، فاستاك، وتوضأ، ثم قام فصلى، فاستفتح البقرة، لا يمر باية رحمة إلا وقف، فسأل،ولا يمر باية عذاب إلا وقف، وتعوذ" الحديث، وليس لأبي داود ذكر السواك، والوضوء.
فهذا كله في النافلة، كما هو صريح الأول، وفي قيام الليل، كما يفيده الحديثان الاخران، فإنه لم يأت عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في رواية قط: أنه أمَّ الناس بالبقرة، وال عمران: في فريضة أصلاً. ولفظ: قمت يشعر أنه في الليل، فتم ما ترجينا بقولنا: ولعل هذا في صلاة الليل باعتبار ما ورد، فلو فعله أحد في الفريضة، فلعله لا بأس فيه، ولا يخلّ بصلاته، سيما إذا كان منفرداً؛ لئلا يشق على غيره إذا كان إماماً، وقولها: "ليلة التمام" في القاموس: ليلة التمام ككتاب، وليل تمام: أطول ليالي الشتاء، أو هي ثلاث لا يستبان نقصانها، أو هي إذا بلغت اثنتي عشرة ساعة فصاعداً. انتهى.