وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ألا وإني نُهيت أن أقرأَ القران راكعاً أو ساجداً، فأما الرُّكوع فعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ، وأمّا السُّجُودُ فاجْتَهِدُوا في الدُّعاءِ، فقمنٌ أَنْ يُستجابَ لكُم". رَوَاهُ مُسلمٌ.
 

(وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: ألا وإني نهيت أن أقرأ القران راكعاً أو ساجداً) فكأنه قيل: فماذا تقول فيهما؟ فقال: (فأمَّا الرُّكوع فعظِّموا فيه الرَّب) قد بين كيفية هذا التعظيم حديث مسلم عن حذيفة: "فجعل يقول، أي: رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: سبحان ربي العظيم" (وأما السجود فاجتهدوا في الدُّعاءِ فقَمِنٌ) بفتح القاف وكسر الميم، ومعناه: حقيق (أن يُستجاب لكم. رواه مسلم).
الحديث دليل على تحريم قراءة القران حال الركوع والسجود، لأن الأصل في النهي التحريم، وظاهره وجوب تسبيح الركوع، ووجوب الدعاء في السجود؛ للأمر بهما. وقد ذهب إلى ذلك أحمد بن حنبل، وطائفة من المحدثين. وقال الجمهور: أنه مستحب؛ لحديث المسيء صلاته، فإنه لم يعلمه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ذلك، ولو كان واجباً لأمره به، ثم ظاهر قوله: "فعظموا فيه الرب": أنها تجزىء المرة الواحدة، ويكون بها ممتثلاً ما أمر به. وقد أخرج أبو داود من حديث ابن مسعود: "إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم، وذلك أدناه" ورواه الترمذي، وابن ماجه، إلا أنه قال أبو داود: فيه إرسال، وكذا قال البخاري، والترمذي، وفي قوله: "ذلك أدناه": ما يدل على أنها لا تجزىء المرة الواحدة.
والحديث دليل على مشروعية الدعاء حال السجود، بأي دعاء كان: من طلب خيري الدنيا والاخرة، والاستعاذة من شرهما، وأنه محل الإجابة، وقد بين بعض الأدعية ما أفاده قوله:
وعن عائشة رضي الله عنها قالتْ: كان رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقولُ في ركوعهِ وسجوده: "سبحانك اللهمَّ ربّنا وبِحَمْدكَ، اللّهمَّ اغفرْ لي" مُتّفقٌ عليه.