وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قالَ: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذَا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ قالَ: "اللهُمَّ رَبّنا لكَ الحمْدُ، ملءَ السّموات والأرض، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثّناءِ والمَجْد، أحَقُّ ما قال العَبْدُ ــــ وكلُّنا لكَ عَبْدٌ ــــ اللهُمَّ لا مانعَ لما أعْطيتَ، ولا مُعطِي لما مَنَعْتَ، ولا يَنْفَعُ ذا الجدِّ مِنْكَ الجَدُّ"، رواه مسلم.
 

(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم) لم أجد لفظ اللهم في مسلم في رواية أبي سعيد، ووجدتها في رواية ابن عباس (ربنا لك الحمدُ ملء) بنصب الهمزة على المصدرية، ويجوز رفعه خبر مبتدأ محذوف (السموات والأرض) وفي سنن أبي داود وغيره: "وملء الأرض" وهي في رواية ابن عباس عند مسلم، فهذه الرواية كلها ليست لفظ أبي سعيد، لعدم وجود اللهم في أوله، ولا لفظ ابن عباس لوجود ملء الأرض فيها (وملء ما شئت من شيء بعدُ) بضم الدال على البناء للقطع عن الإضافة، ونية المضاف إليه (أهل) بنصبه على النداء، أو رفعه: أي أنت أهل (الثناء والمجد. أحق ما قال العبد) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، وما مصدرية، تقديره هذا: أي قوله: اللهم لك الحمد، أحق قول العبد، وإنما لم يجعل: "لا مانع لما أعطيت" خبراً وأحق مبتدأ، لأنه محذوف في بعض الروايات، فجعلناه جملة استئنافية، إذا حذف تم الكلام من دون ذكره.
وفي الشرح: جعل أحق مبتدأ وخبره لا مانع لما أعطيت. وفي شرح المهذب نقلاً عن ابن الصلاح معناه: أحق ما قال العبد قوله: لا مانع لما أعطيت إلى اخره، وقوله: "وكلنا لك عبد" اعتراض بين المبتدأ والخبر. قال: أو يكون قوله: أحق ما قال العبد خبراً لما قبله: أي قوله: ربنا لك الحمد إلى اخره أحق ما قال العبد. قال: والأول أولى. قال النووي: لما فيه من كمال التفويض إلى الله تعالى، والاعتراف بكمال قدرته وعظمته وقهره وسلطانه، وانفراده بالوحدانية، وتدبير مخلوقاته انتهى (وكلنا لك عبْدٌ) ثم استأنف فقال: (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما مَنَعْتَ، ولا ينْفَعُ ذا الجدِّ منْك الجدُّ. رواه مسلم).
الحديث دليل على مشروعية هذا الذكر في هذا الركن لكل مصلَ، وقد جعل الحمد كالأجسام، وجعله ساداً لما ذكره من الظروف، مبالغة في كثرة الحمد، وزاد مبالغة بذكر ما يشاؤه تعالى، مما لا يعلمه العبد، والثناء: الوصف بالجميل والمدح والمجد والعظمة ونهاية الشرف، والجد بفتح الجيم معناه الحظ: أي: لا ينفع ذا الحظ من عقوبتك حظه، بل ينفعه العمل الصالح، وروى بالكسر للجيم، أي: لا ينفعه جده واجتهاده، وقد ضعفت رواية الكسر.

الموضوع السابق


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا قامَ إلى الصلاة يكبِّرُ حين يقُومُ، ثمَّ يكبّرُ حين يركعُ ثم يقولُ: "سَمِعَ الله لمن حمده" حين يرفعُ صُلبه من الرُّكوع، ثمَّ يقولُ وهو قائمٌ: "ربنا ولكَ الحمْدُ" ثمَّ يكبِّر حين يهْوى ساجداً، ثمَّ يكبِّر حين يرْفعُ رأسَهُ، ثمَّ يكبِّر حين يسْجُدُ، ثمَّ يكبِّر حينَ يرْفعُ، ثم يفْعَلُ ذلكَ في الصلاةِ كُلِّها، ويُكبِّرُ حين يقومُ من الثِّنْتَيْن بَعْدَ الجُلوس. متّفقٌ عليه.