وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "منْ قرَأَ اية الكرسيِّ دُبُر كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ لم يمنعه من دُخُول الجنّةِ إلَّا المَوْت". رواهُ النسائي، وصحيحه ابن حبّان. وزاد فيه الطّبراني: "وقُلْ هوَ الله أحدٌ".
 

(وعن أبي أمامة) هو إياس على الأصح، كما قاله ابن عبد البر، ابن ثعلبة، الحارثي الأنصاري الخزرجي، لم يشهد بدراً، إلا أنه عذره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عن الخروج، لعلته بمرض والدته. وأبو أمامة الباهلي، تقدم في أول الكتاب، فإذا أطلق فالمراد به: هذا، وإذا أريد الباهلي، قيد به.
(قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: من قرأ اية الكرسي دُبُر كلِّ صلاة مكتوبة) أي مفروضة (لم يمْنَعْهُ من دخول الجنّة إلا الموت. رواه النسائي، وصححه ابن حبان، وزاد فيه الطبراني: و"قُل هو الله أحدٌ") وقد ورد نحوه من حديث علي عليه السلام بزيادة: من قرأها حين يأخذ مضجعه، أمنه الله على داره، ودار جاره، وأهل دويرات حوله، رواه البيهقي في شعب الإيمان، وضعف إسناده. وقوله: "لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت" هو على مضاف: أي: لا يمنعه إلا عدم موته، حذف لدلالة المعنى عليه. واختصت اية الكرسي بذلك؛ لما اشتملت عليه من أصول الأسماء، والصفات الإلهية، والوحدانية، والحياة، والقيومية، والعلم، والملك، والقدرة، والإرادة. وقل هو الله أحد: متمحضة لذكر صفات الله تعالى.
وعن مالك بن الحُويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "صلُّوا كما رأَيْتُمُوني أصلي" رواهُ البخاريُّ.
(وعن مالك بن الحُويرث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "صلُّوا كما رأَيْتُمُوني أصلي" رواهُ البخاريُّ).
هذا الحديث: أصل عظيم في دلالته: على أن أفعاله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في الصلاة، وأقواله: بيان لما أجمل من الأمر بالصلاة في القران، وفي الأحاديث، وفيه دلالة: على وجوب التأسي به صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فيما فعله في الصلاة، فكل ما حافظ عليه من أفعالها، وأقوالها، وجب على الأمة، إلا لدليل يخصص شيئاً من ذلك، وقد أطال العلماء الكلام في الحديث، واستوفاه ابن دقيق العيد في شرح العمدة، وزدناه تحقيقاً في حواشيها.