وعن عِمْران بن حصين رضي لله عنه أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "صلِّ قائماً، فإن لم تَسْتطع فقاعداً، فإن لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ، وإلا فأَوْم". رواه البخاري.
 

: واختلف العلماء في حكم تكبير النقل: فقيل: إنه واجب، وروي قولاً لأحمد... ...
(وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: صلِّ قائماً، فإن لم تستطع) أي الصلاة قائماً (فقاعداً فإن لم تستطع) أي وإن لم تستطع الصلاة قاعداً (فعلى جنْب، وإلَّا) أي: وإن لم تستطع الصلاة على جنب (فأوْم) لم نجده في نسخ بلوغ المرام منسوباً، وقد أخرج البخاري دون قوله: "وإلا فأوْم" والنسائي، وزاد: "فإن لم تستطع فمستلق" لا يكلف الله نفساً إلا وسعها وقد رواه الدارقطني من حديث علي عليه السلام بلفظ: "فإن لم تستطع أن تسجد أوم، واجعل سجودك أخفض من ركوعك، فإن لم يستطع أن يصلي قاعداً صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن، صلى مستلقياً رجلاه مما يلي القبلة" وفي إسناده ضعف، وفيه متروك.
وقال المصنف: لم يقع في الحديث ذكر الإيماء، وإنما أورده الرافعي. قال: ولكنه ورد في حديث جابر: "إن استطعت، وإلا فأوم إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك" أخرجه البزار، والبيهقي في المعرفة. قال البزار: وقد سئل عنه أبو حاتم، فقال: الصواب عن جابر موقوفاً، ورفعه خطأ، وقد روي أيضاً من حديث ابن عمر، وابن عباس، وفي إسناديهما ضعف.
والحديث دليل: على أنه لا يصلي الفريضة قاعداً إلا لعذر، وهو عدم الاستطاعة، ويلحق به ما إذا خشي ضرراً لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} وكذا قوله: "فإن لم تستطع فعلى جنب" وفي قوله في حديث الطبراني: "فإن نالته مشقة فجالساً، فإن نالته مشقة فنائماً" أي مضجعاً، وفيه حجة على من قال: إن العاجز عن القعود تسقط عنه الصلاة، وهو يدل على أن من نالته مشقة، ولو بالتألم، يباح له الصلاة من قعود، وفيه خلاف. والحديث مع من قال: إن التألم يبيح ذلك. ومن المشقة: صلاة من يخاف دوران رأسه، إذا صلى قائماً في السفينة، أو يخاف الغرق: أبيح له القعود، هذا.
ولم يبين الحديث هيئة القعود على أي صفة، ومقتضى إطلاقه صحته على أي هيئة شاءها المصلي، وإليه ذهب جماعة من العلماء. وقال الهادي وغيره: إنه يتربع واضعاً يده على ركبتيه، ومثله عند الحنفية، وذهب زيد بن علي، وجماعة إلى: أنه مثل قعود التشهد. قيل: والخلاف في الأفضل.
قال المصنف في فتح الباري: اختلف في الأفضل، فعند الأئمة الثلاثة: التربع، وقيل: مفترشاً، وقيل متوركاً، وفي كل منها أحاديث. وقوله في الحديث: "على جنب" الكلام في الاستطاعة هنا، كما مر، وهو هنا مطلق. وقيده في حديث عليّ عليه السلام عند الدارقطني، على جنبه الأيمن، مستقبل القبلة بوجهه، وهو حجة الجمهور. وأنه يكون على هذه الصفة، كتوجه الميت في القبر. ويؤخذ من الحديث: أنه لا يجب شيء بعد تعذر الإيماء على الجنب. وعن الشافعي، والمؤيد: يجب الإيماء بالعينين والحاجبين. وعن زفر: الإيماء بالقلب.
وقيل: يجب إمرار القران، والذكر على اللسان، ثم على القلب، إلا أن هذه الكلمة لم تأت في الأحاديث، وفي الاية {فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} وإن كان عدم الذكر لا ينفي الوجوب بدليل اخر. وقد وجبت الصلاة على الإطلاق، وثبت: "إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" فإذا استطاع شيئاً مما يفعل في الصلاة وجب عليه، لأنه مستطيع له.
وعن جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال لمريضٍ ــــ صلى على وسادةٍ، فرمى بها ــــ وقال: "صلِّ على الأرض إن اسْتطعْتَ، وإلَّا فأوم إيماءً، واجْعَل سُجودكَ أخْفض منْ رُكوعكَ" روَاهُ البيهقي بسندٍ قوي، ولكن صَحّح أبو حاتمٍ وقْفَهُ.
(وعن جابر رضي الله عنه أنَّ النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال لمريضٍ ــــ صلى على وسادةٍ، فرمى بها ــــ وقال: "صلِّ على الأرض إن اسْتطعْتَ، وإلَّا فأوم إيماءً، واجْعَل سُجودكَ أخْفض منْ رُكوعكَ" روَاهُ البيهقي بسندٍ قوي، ولكن صَحّح أبو حاتمٍ وقْفَهُ).

الحديث أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق سفيان الثوري. وفي الحديث: "فرمى بها وأخذ عوداً ليصلي عليه، فأخذه ورمى به" وذكر الحديث. وقال البزار: لا يعرف أحد رواه عن الثوري غير أبي بكر الحنفي. وقد سئل عنه أبو حاتم فقال: الصواب عن جابر موقوفاً ورفعه خطأ. وقد روى الطبراني من حديث طارق بن شهاب عن ابن عمر قال: "عاد رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مريضاً فذكره"، وفي إسناده ضعف.
والحديث دليل على أنه لا يتخذ المريض ما يسجد عليه، حيث تعذر سجوده على الأرض، وقد أرشده إلى أنه يفصل بين ركوعه وسجوده، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن تعذر عليه القيام والركوع، فإنه يومىء من قعود لهما، جاعلاً الإيماء بالسجود أخفض من الركوع، أو لم يتعذر عليه القيام، فإنه يومىء للركوع من قيام، ثم يقعد ويومىء للسجود من قعود، وقيل في هذه الصورة: يومىء لهما من قيام ويقعد للتشهد، وقيل: يومىء لهما كليهما من القعود، ويقوم للقراءة، وقيل: يسقط عنه القيام ويصلي قاعداً، فإن صلى قائماً جاز، وإن تعذر عليه القعود أومأ لهما من قيام.