[رح 2/233] ـ وَعَنِ ابن عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا، قَالَ: "حَفِظْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عَشْرَ رَكَعاتٍ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدِ الْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: "وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْجَمْعَةِ فِي بَيْتِهِ". وَلِمُسْلِمٍ: "كَانَ إِذَا طَلَعَ الْفجْرُ لا يُصَلِّي إِلا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ".
 

(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت من النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عشر ركعات) هذا إجمال فصله بقوله: (ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته) تقييدها يدل على أن ما عداها كان يفعله في المسجد، "وكذلك" قوله: (ركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الصبح) لم يقيدهما مع أنه كان يصليهما صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في بيته وكأنه ترك التقييد لشهرة ذلك من فعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (متفق عليه. وفي رواية لهما وركعتين بعد الجمعة في بيته) فيكون قوله عشر ركعات نظراً إلى التكرار كل يوم، (ولمسلم) أي من حديث ابن عمر (كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين) هما المعدوتان في العشر، وإنما أفاد لفظ مسلم خفتهما، وإنه لا يصلي بعد طلوعه سواهما وتخفيفهما مذهب مالك والشافعي وغيرهما. وقد جاء في حديث عائشة. "حتى أقول أقرأ بأم الكتاب" يأتي قريباً.
والحديث دليل على أن هذه النوافل للصلاة، وقد قيل في حكمة شرعيتها إن ذلك ليكون ما بعد الفريضة جبراً لما فرط فيها من أدابها وما قبلها لذلك وليدخل في الفريضة ، وقد انشرح صدره للإتيان بها وأقبل قلبه علي فعلها.
قلت: قد أخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم من حديث تميم الداري قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمها كتبت له تامة وإن لم يكن أتمها، قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك". انتهى وهو دليل لما قيل من حكمة شرعيتها، وقوله في حديث مسلم: "إنه لا يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتيه". قد استدل به من يرى كراهة النفل بعد طلوع الفجر وقد قدمنا ذلك.