[رح 11/143] ـ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
 

(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن. رواه البخاري) العلماء في هذه الضجعة بين مفرط ومفرط ومتوسط فأفرط جماعة من أهل الظاهر منهم ابن حزم ومن تابعه فقالوا بوجوبها، وأبطلوا صلاة الفجر بتركها، وذلك لفعله المذكور في هذا الحديث، ولحديث الأمر بها في حديث أبي هريرة عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن". قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال ابن تيمية: ليس بصحيح لأنه تفرد به عبد الواحد ابن زياد وفي حفظ مقال.
قال المصنف: والحق أنه تقوم به الحُجَّة إلا أنه صرف الأمر عن الوجوب ما ورد من عدم مداومته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على فعلها.
وفرط جماعة فقالوا بكراهتها واحتجوا بأن ابن عمر كان لا يفعل ذلك ويقول: "كفى بالتسليم" أخرجه عبد الرزاق وبأنه كان يحصب من يفعلها، وقال ابن مسعود: "ما بال الرجل إذا صلى الركعتين تمعك كما يتمعك الحمار"، وتوسط فيها طائفة منهم مالك وغيره فلم يروا بها بأساً لم فعلها راحة، وكرهوها لمن فعلها استناناً. ومنهم من قال باستحبابها على الإطلاق سواء فعلها استراحة أم لا.
قيل: وقد شرعت لمن يتجهد من الليل لما أخرجه عبد الرزاق عن عائشة كانت تقول: "إن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لم يضطجع لسنة لكنه كان يدأب ليلة فيضطجع ليستريح منه". وفيه راوٍ لم يسم، وقال النووي: المختار أنها سنة لظاهر حديث أبي هريرة. قلت: وهو الأقرب وحديث عائشة لو صح فغايته أنه إخبار عن فهمها، وعدم استمراره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عليها دليل سنيتها ثم إنه يسن على الشق الأيمن، قال ابن حزم: فإن تعذر على الأيمن فإنه يوميء ولا يضطجع على الأيسر.