[رح 51/543] ـ وَعَنْ أَبِي أَيُوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قَالَ: "الْوَتْرُ حَقُّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمِ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبّ أَنْ يُوِتَرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ". رَوَاهُ الأَرْبَعَةُ إِلا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّان، وَرَجّحَ النَّسَائِي وَقْفَهُ.
 

(وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "الوتر حق على كل مسلم) هو دليل لمن قال بوجوب الوتر، (من أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل) ، قد قدمنا الجمع بينه وبين ما عارضه، (ومن أحب أن يوتر بواحدة) من دون أن يضيف إليها غيرها كما هو الظاهر، (فليفعل" رواه الأربعة إلا الترمذي وصححه ابن حبان ورجح النسائي وقفه) ، وكذا صحح أبو حاتم، والذهلي، والدارقطني في العلل، والبيهقي وغير واحد وقفه.
قال المصنف: وهو الصواب، قلت: وله حكم الرفع إذ لا مسرح للاجتهاد فيه أي في المقادير.
والحديث دليل على إيجاب الوتر، ويدل له أيضاً حديث أبي هريرة عند أحمد: "من لم يوتر فليس منا". وإلى وجوبه ذهبت الحنفية، وذهب الجمهور إلى أنه ليس بواجب مستدلين بحديث عليّ رضي الله عنه: "الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم" ويأتي، ولفظه عند ابن ماجه: "إن الوتر ليس بحتم ولا كصلاتكم المكتوبة ولكن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أوتر وقال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر".
وذكر المجد ابن تيمية أن ابن المنذر روى حديث أبي أيوب، بلفظ: "الوتر حق وليس بواجب"، وبحديث: "ثلاث هن على فرائض ولكم تطوع".
وعد منها الوتر وإن كان ضعيفاً فله متابعات يتأيد بها، على أن حديث أبي أيوب الذي استدل به على الإيجاب قد عرفت أن الأصح وقفه عليه، وإن سبق أن له حكم المرفوع فهو لا يقاوم الأدلة الدالة على عدم الإيجاب، والإيجاب قد يطلق على المسنون تأكيداً كما سلف في غسل الجمعة، وقوله: "بخمس وبثلاث" أي: ولا يقعد إلا في آخرها، ويأتي حديث عائشة في الخمس. وقوله: "بواحدة" ظاهره مقتصراً عليها، وقد روى فعل ذلك عن جماعة من الصحابة، فأخرج محمد بن نصر وغيره بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد: "أن عمر قرأ القرآن ليلة في ركعة لم يصل غيرها". وروى البخاري: "أن معاوية أوتر بركعة وأن ابن عباس استصوبه".