[رح 02/053] ـ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَتْ: "مَا كَانَ رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَة رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلَّي ثَلاثاً. قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفَي رِوَايَةٍ لَهُمَا عَنْهَا: "كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَي الْفَجْرِ، فَتِلْكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
 

(وعن عائشة رضي الله عنه قالت: ما كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة) ، ثم فصلتها بقولها (يصلي أربعاً) يحتمل أنها متصلاً وهو الظاهر، ويحتمل أنها مفصلات وهو بعيد إلا أنه يوافق حديث "صلاة الليل مثنى مثنى"، (فلا تسأل عن حسنهن وطولهن) نهت عن سؤال ذلك إما أنه لا يقدر المخاطب على مثله فأي حاجة له في السؤال، أو لأنه قد علم حسنهن وطولهن لشهرته فلا يسئل عنه أو لأنها لا تقدر تصف ذلك، (ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً قالت: فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن يوتر) كأنه كان ينام بعد الأربع ثم يقوم فيصلي الثلاث وكأنه كان قد تقرر عند عائشة أن النوم ناقض للوضوء فسألته فأجابها بقوله: (قال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) دل على أن الناقض نوم القلب وهو حاصل مع كل من نام مستغرقاً فيكون من الخصائص أن النوم لا ينقض وضوءه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وقد صرح المصنف بذلك في التلخيص، واستدل بهذا الحديث وبحديث ابن عباس: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم نام حتى نفخ ثم قام فصلى ولم يتوضأ". وفي البخاري: "إن الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم" (متفق عليه).
اعلم أنه قد اختلفت الروايات عن عائشة في كيفية صلاته صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في الليل وعددها، فقد روي عنها سبع وتسع وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر ومنها هذه الرواية التي أفادها قوله: (وفي رواية لهما) أي الشيخين (عنها) أي عن عائشة (كان يصلي من الليل عشر ركعات) وظاهره أنها موصولة لا قعود فيها، (ويوتر بسجدة) أي ركعة، (ويركع ركعتي الفجر) أي بعد طلوعه، (فتلك) أي الصلاة في الليل مع تغليب ركعتي الفجر أو فتلك الصلاة جميعاً، (ثلاث عشرة ركعة) ، وفي رواية: "أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء ركعتين خفيفتين فكانت خمس عشرة ركعة". ولما اختلفت ألفاظ حديث عائشة زعم البعض أنه حديث مضطرب، وليس كذلك، بل الروايات محمولة على أوقات متعددة وأوقات مختلفة بحسب النشاط وبيان الجواز وأن الكل جائز، وهذا لا يناسبه قولها ولا في غيره، والأحسن أن يقال: إنها أخبرت عن الأغلب من فعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فلا ينافيه ما خالفه لأنه إخبار عن النادر.