[رح 43/463] ـ وَلَهُ عَنْهَا: أَنَّها سُئِلَتْ: هَلْ كَانَ رَسُولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لا. إِلا أنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ. وَلَهُ عَنْهَا: "مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُصلِّي قَطُّ سُبْحَةَ الضُّحَى، وَإنِّي لأُسَبِّحُهَا".
 

(وله) أي لمسلم (عنها) أي عن عائشة (أنها سئلت هل كان النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يصلي الضحى؟ قالت: لا. إلا أن يجيء من مغيبه) فإن الأول دل على أنه كان يصليها دائماً لما تدل عليه كلمة كان فإنها تدل على التكرار، والثانية دلت على أنه كان لا يصليها إلا في حال مجيئه من مغيبه وقد جمع بينهما. فإن كلمة كان يفعل كذا لا تدل على الدوام دائماً بل غالباً، وإذا قامت قرينة على خلاف صرفتها عنه كما هنا، فإن اللفظ الثاني صرفها عن الدوام وأنها أرادت بقولها: "لا إلا أن يجيء من مغيبه" نفي رؤيتها صلاة الضحى، وأنها لم تره يفعلها إلا في ذلك الوقت، واللفظ الأول إخبار عما بلغها في أنه ما كان يترك صلاة الضحى إلا أنه يضعف هذا قوله، (وله) أي لمسلم وهو أيضاً في البخاري بلفظه، فلو قال: ولهما كان أولى (عنها) أي عائشة (ما رأيت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم صلي قط سبحة الضحى) بضم السين وسكون الباء أي نافلته، (وإني لأسبحها) فنفت رؤيتها لفعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لها، وأخبرت أنها كانت تفعلها كأنه استناد إلى ما بلغها من الحث عليها ومن فعله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم لها فألفاظها لا تتعارض حينئذ.
وقال البيهقي: المراد بقولها ما رأيته سبحها أي داوم عليها، وقال ابن عبد البر: يرجح ما اتفق عليه الشيخان وهو رواية إثباتها دون ما انفرد به مسلم وهي رواية نفيها، قال: وعدم رؤية عائشة لذلك لا يستلزم عدم الوقوع الذي أثبته غيرها هذا معنى كلامه. قلت: ومما اتفقا عليه في إثباتها حديث أبي هريرة في الصحيحين: "أنه أوصاه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم بأن لا يترك ركعتي الضحى"، وفي الترغيب في فعلها أحاديث كثيرة وفي عددها كذلك: مبسوطة في كتب الحديث.