[رح7] ـــ وَعَنْ يَزيدَ بنِ الأسْودِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّهُ صَلى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم صَلاةَ الصُّبْحِ، فَلَمّا صلى رَسُولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا هُوَ برَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا فَدَعَا بِهِمَا، فجيءَ بهمَا تَرْعُدُ فَرَئِصُهُما فَقَالَ لَهُمَا: "مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيا مَعَنَا؟" قالَا: قَدْ صَلّينَا في رحَالِنَا، قالَ: "فلا تَفْعَلا إذَا صَلّيْتُما في رحَالِكُما ثمَّ أَدْرَكْتُما الإمامَ وَلَمْ يُصَلِّ فَصَلِّيَا مَعَهُ فإنها لَكُمَا نَافِلَة" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَاللّفْظُ لَهُ والثّلاثَةُ وَصَحّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابنُ حِبّانَ.
 

(وعن يزيد بن الأسود رضي الله عنه) هو أبو جابر يزيد بن الأسود السُّوائي بضم المهملة وتخفيف الواو والمد ويقال الخزاعي ويقال العامري روى عنه ابنه جابر وعداده في أهل الطائف وحديثه في الكوفيين (أنه صلى مع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم صلاة الصبح، فلما صلى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم) أي فرغ من صلاته (إذا هو برجلين لم يصليا) أي معه (فدعا بهما فجيء بهما ترعد) بضم المهملة (فرائضهما) جمع فريصة وهي اللحمة التي بين جنب الدابة وكتفيها أي ترجف من الخوف قاله في النهاية (فقال لهما: "ما منعكما أن تصليا معنا؟" قالا: قد صلينا في رحالنا) جمع رحل بفتح الراء وسكون المهملة هو المنزل ويطلق على غيره ولكن المراد هنا به المنزل (قال: "فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه فإنها) أي الصلاة مع الإمام بعد صلاتهما الفريضة (لكما نافلة") والفريضة هي الأولى سواء صليت جماعة أو فرادى لإطلاق الخبر (رواه أحمد واللفظ له والثلاثة وصححه الترمذي وابن حبان) زاد المصنف في التلخيص: "والحاكم والدارقطني وصححه ابن السكن كلهم من طريق يعلي بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه".
قال الشافعي في القديم: إسناده مجهول، قال البيهقي: لأن يزيد بن الأسود ليس له راوٍ غير ابنه ولا لابنه جابر راوٍ غير يعلى. قلت: يعلى من رجال مسلم، وجابر وثقه النسائي وغيره. انتهى".
وهذا الحديث وقع في مسجد الخيف، في حُجَّة الوداع.
فدل على مشروعية الصلاة مع الإمام إذا وجده يصلي أو سيصلي بعد أن كان قد صلى جماعة أو فرادى، والأولى هي الفريضة والأخرى نافلة كما صرح به الحديث.
وظاهره أنه لا يحتاج إلى رفض الأول. وذهب إلى هذا زيد بن علي والمؤيد وجماعة من الآل وهو قول الشافعي.
وذهب الهادي ومالك وهو قول الشافعي إلى أن الثانية هي الفريضة، لما أخرجه أبو داود من حديث يزيد بن عامر: إنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "إذا جئت الصلاة فوجدت الناس يصلون فصل معهم إن كنت قد صليت تكن لك نافلة وهذه مكتوبة".
وأجيب بأنه حديث ضعيف ضعفه النووي وغيره، وقال البيهقي هو مخالف لحديث يزيد بن الأسود وهو أصح ورواه الدارقطني بلفظ: "وليجعل التي صلى في بيته نافلة" قال الدارقطني هذه رواية ضعيفة شاذة وعلى هذا القول لا بدّ من الرفض للأولى بعد دخوله في الثانية، وقيل بشرط فراغه من الثانية صحيحة.
وللشافعي قول ثالث أن الله تعالى يحتسب بأيهما شاء، لقول ابن عمر لمن سأله عن ذلك: "أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله تعالى يحتسب بأيهما شاء" أخرجه مالك في الموطأ.
وقد عورض حديث الباب بما أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما عن ابن عمر يرفعه "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين".
ويجاب عنه بأن المنهي عنه أن يصلي كذلك على أنهما فريضة لا على أن إحداهما نافلة، أو المراد لا يصليهما مرتين منفرداً.
ثم ظاهر حديث الباب عموم ذلك في الصلوات كلها وإليه ذهب الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يعاد إلا الظهر والعشاء أما الصبح والعصر فلا. للنهي عن الصلاة بعدهما وأما المغرب فلأنها وتر النهار فلو أعادها صارت شفعاً.
وقال مالك: إذا كان صلاها في جماعة لم يعدها وإن كان صلاها منفرداً أعادها.
والحديث ظاهر في خلاف ما قاله أبو حنيفة ومالك بل في حديث يزيد بن الأسود أن ذلك كان في صلاة الصبح فيكون أظهر في ردّ ما قاله أبو حنيفة ويخص به عموم النهي عن الصلاة في الوقتين.

الموضوع التالي


[رح8] ــــ وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنّما جُعِلَ الإِمامُ لِيُؤْتَمَّ بِه، فإذَا كَبّرَ فَكَبِّرُوا وَلا تُكَبِّرُوا حتى يُكبِّرَ، وإذَا رَكَعَ فَارْكَعوا وَلا تَرْكَعُوا حَتى يَرْكَعَ، وإذَا قالَ: سمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا: اللهُمَّ رَبّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا وَلا تَسْجُدُوا حَتى يَسْجُدَ، وَإذا صَلى قائماً فَصلُّوا قِيَاماً، وَإذا صلى قاعِداً فَصَلُّوا قُعُوداً أَجْمعينَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَهذَا لَفْظُهُ وَأَصلُهُ في الصّحيحيْنِ.