[رح11] ــــ وَعَنْ جَابر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُما قال: صَلّى مُعَاذٌ بأَصْحَابه العشاءَ فطَوّلَ عَلَيْهَمْ فَقَال النّبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أتُريدُ يا مُعاذُ أَنْ تَكُونَ فَتّاناً؟ إذا أَممْتَ النّاسَ فَاقْرَأ بالشمس وَضُحَاهَا، وَسَبّحِ اسْم رَبِّكَ الأعْلى، وَاقْرَأ باسْم رَبِّكَ، وَالليّل إذا يغشى" مُتّفقٌ عَلَيْهِ واللّفظ لِمُسْلِمٍ.
 

والحديث في البخاري لفظ "أقبل رجلين بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذاً يصلي فترك ناضحيه وأقبل إلى معاذ فقرأ بسورة البقرة أو النساء فانطلق الرجل" بعد أن قطع الاقتداء بمعاذ وأتم صلاته منفرداً، وعليه بوب البخاري بقوله: "إذا طول الإمام وكان للرجل أي المأموم حاجة فخرج" "وبلغه أن معاذاً نال منه" وقد جاء ما قاله معاذ مفسراً بلفظ "فبلغ ذلك معاذاً فقال إنه منافق" "فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فشكا إليه معاذاً فقال النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: يا معاذ أفتان أنت؟ أو أفاتن ــــ ثلاث مرات ــــ فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة" وله في البخاري ألفاظ غير هذه.
والمراد بفتان أي أتعذب أصحابك بالتطويل، وحمل ذلك على كراهة المأمومين للإطالة وإلا فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قرأ الأعراف في المغرب وغيرها. وكان مقدار قيامه في الظهر بالستين آية وقرأ بأقصر من ذلك. والحاصل أنه يختلف ذلك باختلاف الأوقات في الإمام والمأمومين.
والحديث دليل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل فإن معاذاً كان يصلي فريضة العشاء معه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ثم يذهب إلى أصحابه فيصليها بهم نفلاً. وقد أخرج عبد الرزاق والشافعي والطحاوي من حديث جابر بسند صحيح وفيه "هي له تطوع" وقد طول المصنف الكلام على الاستدلال بالحديث على ذلك في فتح الباري، وقد كتبنا فيه رسالة مستقلة جواب سؤال وأبَنّا فيها عدم نهوض الحديث على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل.
والحديث أفاد أنه يخفف الإمام في قراءته وصلاته وقد عين صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم مقدار القراءة ويأتي حديث "إذا أمّ أحدكم الناس فليخفف".