[رح17] ــــ وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ: "رُصُّوا صُفُوفَكُمْ، وَقَاربُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بالأعْنَاقِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسائيُّ وَصَحّحَهُ ابْنُ حِبّان.
 

(وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال: "رصُّوا) أي في صلاة الجماعة بضم الراء والصاد المهملة من رص البناء (صُفوفكمُ) بانضمام بعضكم إلى بعض (وقاربوا بينها) أي بين الصفوف (وحاذوا) أي يساوي بعضكم بعضاً في الصف (بالأعناق" رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان) تمام الحديث من سنن أبي داود "فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين تدخل في خلل الصف كأنها الحذف" بفتح الحاء المهملة والذال المعجمة هي صغار الغنم.
وأخرج الشيخان وأبو داود من حديث النعمان بن بشير قال: أقبل رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على الناس بوجهه فقال: "أقيموا صفوفكم ثلاثاً والله لتقيمنّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين قلوبكم" قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه" وأخرج[اث] أبو داود[/اث] عنه أيضاً قال: "كان النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يسوّينا في الصفوف كما يقوّم القداح حتى إذا ظن أن قد أخذنا ذلك عنه وفقهنا: أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبذ بصدره فقال: "لتسونّ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" وأخرج أيضاً من حديث [اث]البراء بن عازب[/اث] رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم".
وهذه الأحاديث والوعيد الذي فيها دالة على وجوب ذلك وهو مما تساهل فيه الناس، كما تساهلوا فيما يفيده حديث أنس عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم "أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر" أخرجه أبو داود؛ فإنك ترى الناس في المسجد يقومون للجماعة وهم لا يملؤن الصف الأول لو قاموا فيه فإذا أقيمت الصلاة يتفرقون صفوفاً على اثنين وعلى ثلاثة ونحوه. وأخرج أبو داود من حديث جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف".
وورد في سدّ الفُرج في الصفوف أحاديث. كحديث ابن عمر "ما من خطوة أعظم أجراً من خطوة مشاها الرجل في فرجة في الصف فسدّها" أخرجه الطبراني في الأوسط، وأخرج أيضاً فيه من حديث عائشة قال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "من سدّ فرجة في صف رفعه الله بها درجة وبنى له بيتاً في الجنة" قال الهيثمي: فيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وثقه ابن حبان وأخرج البزار من حديث أبي جحيفة عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم "من سد فرجة في الصف غفر له" قال الهيثمي: إسناده حسن ويغني عنه "رصوا صفوفكم" الحديث، إذ الفرج إنما تكون من عدم رصهم الصفوف.