[رح22] ــــ وَجَابرٍ رضي اللَّهُ عنه عِنْد أبي دَاوُدَ وللنسائي: "أَنّها مَا بينَ صَلاةِ العصر إلى غُروب الشّمس" وَقَد اختُلفَ فيها عَلى أَكْثرَ منْ أَرْبعين قوْلاً أَملَيْتُها في شرح البُخاريِّ.
 

قوله "أنها" بفتح الهمزة مبتدأ خبره ما تقدم من قوله في حديث عبد الله ابن سلام إلى آخره، ورجح أحمد بن حنبل هذا القول رواه عنه الترمذي وقال أحمد: أكثر الأحاديث على ذلك. وقال ابن عبد البر: هو أثبت شيء في هذا الباب، روى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن: "أن ناساً من الصحابة اجتمعوا فتذكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة" ورجحه إسحاق وغيره، وحكي أنه نص الشافعي.
وقد استشكل هذا فإنه ترجيح لغير ما في الصحيح على ما فيه، والمعروف من علوم الحديث وغيرها أن ما في الصحيحين أو في أحدهما مقدم على غيره والجواب أن ذلك حيث لم يكن حديث الصحيحين أو أحدهما مما انتقده الحفاظ كحديث أبي موسى هذا الذي في مسلم فإنه قد أعل بالانقطاع والاضطر: أما الأول فلأنه من رواية مخرمة بن بكير وقد صرح أنه لم يسمع من أبيه فليس على شرط مسلم، وأما الثاني فلأن أهل الكوفة أخرجوه عن أبي بردة غير مرفوع، وأبو بردة كوفي وأهل بلدته أعلم بحديثه من بكير فلو كان مرفوعاً عند أبي بردة لم يقفوه عليه ولهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب.
وجمع ابن القيم بين حديث أبي موسى وابن سلام بأن الساعة تنحصر في أحد الوقتين وسبقه إلى هذا أحمد بن حنبل (وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً أمليتها في شرح البخاري) تقدمت الإشارة إلى هذا، قال الخطابي: اختلف فيها على قولين فقيل: قد رفعت، وهو محكي عن بعض الصحابة. وقيل: هي باقية واختلف في تعيينها، ثم سرد الأقوال ولم يبلغ بها المصنف من العدد وقد اقتصر المصنف هاهنا على قولين كأنهما الأرجح عنده دليلاً.
وفي الحديث بيان فضيله الجمعة لاختصاصها بهذه الساعة.