[رح1] ــــ عَنْ صَالح بنِ خَوَّات رضي الله عنه عَمّن صّلى معَ رسُول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَوْمَ ذاتِ الرِّقاع صلاة الخوف "أَنَّ طائفةً صَلّتْ مَعَهُ وطائفَةً وجاه الْعَدُوّ فَصَلى بالذين مَعَهُ ركْعةً ثمَّ ثَبَتَ قائماً وأَتمُّوا لأنْفُسِهم، ثم انْصرَفُوا فصفوا وجاهَ الْعدُوِّ، وجاءَت الطائفة الأخْرَى فَصَلى بهمُ الرَّكْعَةَ التي بَقِيَتْ ثمَّ ثَبَتَ جالساً وأَتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ ثمَّ سَلّم بهمْ" مُتفق عليْهِ وهذا لفْظُ مُسْلم، ووقَعَ في المعْرفة لابن مَنْدَه عَنْ صَالح بن خوَّاتٍ عن أَبيهِ.
 

(عن صالح بن خوّات رضي الله عنه) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الواو فمثناة فوقية الأنصاري المدني تابعي مشهور سمع جماعة من الصحابة (عمن صلى مع النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم) في صحيح مسلم عن صالح بن خوات ابن جبير عن سهل بن أبي حثمة، فصرح بمن حدثه في رواية. وفي رواية أبهمه كما هنا (يوم ذات الرِّقاع) بكسر الراء فقاف مخففة آخره عين مهملة هو مكان من نجد بأرض غطفان. سميت الغزوة بذلك لأن أقدامهم نقبت فلفوا عليها الخرق كما في صحيح البخاري من حديث أبي موسى وكانت في جمادى الأولى في السنة الرابعة من الهجرة (صلاة الخوف أن طائفة) من أصحابه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (صفت معه وطائفة وجاه) بكسر الواو فجيم مواجهة (العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا) في مسلم فصفوا بالفاء (وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم. متفق عليه وهذا لفظ مسلم ووقع في المعرفة) كتاب (لابن منده) بفتح الميم وسكون النون فدال مهملة إمام كبير من أئمة الحديث (عن صالح بن خوات عن أبيه) أي خوات وهو صحابي فذكر المبهم أنه أبوه، وفي مسلم أنه من ذكرناه.
واعلم أن هذه الغزوة كانت في الرابعة كما ذكرناه وهو الذي قاله ابن إسحاق وغيره من أهل السير والمغازي وتلقاه الناس منهم. قال ابن القيم: وهو مشكل جداً فإنه قد صح أن المشركين حبسوا رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهنّ جميعاً وذلك قبل نزول صلاة الخوف. والخندق بعد ذات الرقاع سنة خمس، قال: والظاهر أن أول صلاة صلاها رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم للخوف بعسفان، ولا خلاف بينهم أن عسفان كانت بعد الخندق، وقد صح عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أنه صلى صلاة الخوف بذات الرقاع فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان وقد تبين لنا وهم أهل السير انتهى.
ومن يحتج بتقديم شرعيتها على الخندق على رواية أهل السير يقول: إنها لا تصلى صلاة الخوف في الحضر ولذا لم يصلها النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يوم الخندق.
وهذه الصفة التي ذكرت في الحديث في كيفية صلاتها واضحة وقد ذهب إليها جماعة من الصحابة ومن الآل من بعدهم.
واشترط الشافعي أن يكون العدو في غير جهة القبلة.
وهذا في الثنائية وإن كانت ثلاثية انتظر في التشهد الأول وتتم الطائفة الركعة الثالثة، وكذلك في الرباعية إن قلنا إنها تصلى صلاة الخوف في الحضر وينتظر في التشهد أيضاً.
وظاهر القرآن مطابق لما دل عليه هذا الحديث الجليل لقوله (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فيصلوا معك) وهذه الكيفية أقرب إلى موافقة المعتاد من الصلاة في تقليل الأفعال المنافية للصلاة والمتابعة للإمام...

الموضوع التالي


[رح2] ــــ وعنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنهُمَا قالَ: "غَزَوْتُ معَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قِبَلَ نجدٍ فَوازَيْنَا العْدُوَّ فصافَفْنَاهُمْ، فقامَ رَسُول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يُصَلي بنا، فَقَامَت طائفةٌ مَعَهُ وأَقبلَت طائفةٌ على العدوّ، وَرَكَعَ بمنْ مَعَهُ وَسَجَدَ سَجْدتَيْن ثمَّ انصرفوا مكانَ الطّائفةِ التي لَمْ تُصَليِّ فجاؤوا فَرَكَعَ بهم ركْعةً وَسَجَدَ سَجْدتْين ثمَّ سلّمَ، فَقَامَ كُلُّ واحدٍ مِنْهُمْ فركَعَ لنَفْسه رَكْعةً وسَجَدَ سَجْدتَيْنِ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ وهذا لفْظُ البُخاريِّ.