[رح3] ــــ وَعَنْ عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عَنْهَا: "أنَّ النّبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم جَهَرَ في صَلاةِ الْكُسُوف بقرَاءَتِهِ فَصَلى أَرْبَعَ رَكْعَاتٍ في رَكْعتين وَأَرْبَعَ سَجَدَاتَ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ وهذا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وفي روايةٍ لَهُ "فَبَعَثَ مُنادياً يُنَادي الصَّلاةُ جَامعةٌ".
 

(وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم جهر في صلاة الكسوف بقراءته فصلى أربع ركعات) أي ركوعات بدليل قولها (في ركعتين وأربع سجدات. متفق عليه وهذا لفظ مسلم).
الحديث دل على شرعية الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، والمراد كسوف الشمس لما أخرجه أحمد بلفظ "خسفت الشمس" وقال: "ثم قرأ فجهر بالقراءة" وقد أخرج الجهر أيضاً الترمذي والطحاوي والدارقطني، وقد أخرج ابن خزيمة وغيره من عليّ عليه السلام مرفوعاً الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، وفي ذلك أقوال أربعة.
(الأول) أنه يجهر بالقراءة مطلقاً في كسوف الشمس والقمر لهذا الحديث وغيره، وهو إن كان وارداً في كسوف الشمس، فالقمر مثله لجمعة صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بينهما في الحكم حيث قال: "فإذا رأيتموهما" أي كاسفتين "فصلوا وادعوا" والأصل استواؤهما في كيفية الصلاة، ونحوهما وهو مذهب أحمد وإسحاق وأبي حنيفة وابن خزيمة وابن المنذر وآخرين.
(والثاني) يسرّ مطلقاً لحديث ابن عباس "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة". فلو جهر لم يقدره بما ذكر وقد علق البخاري عن ابن عباس: أنه قام بجنب النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في الكسوف فلم يسمع منه حرفاً. ووصله البيهقي من ثلاثة طرق أسانيدها واهية فيضعف القول بأنه يحتمل أن ابن عباس كان بعيداً منه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فلم يسمع جهره بالقراءة.
(الثالث) أنه يخير فيهما بين الجهر والإسرار لثبوت الأمرين عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كما عرفت من أدلة القولين.
(الرابع) أنه يسر في الشمس ويجهر في القمر وهو لمن عدا الحنفية من الأربعة عملاً بحديث ابن عباس وقياساً على الصلوات الخمس. وما تقدم من دليل أهل الجهر مطلقاً أنهض مما قالوه.
وقد أفاد حديث الباب أن صفة صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وفي كل ركعة سجدتان ويأتي في شرح الحديث الرابع الخلاف في ذلك (وفي رواية) أي لمسلم عن عائشة (فبعث) أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم (منادياً ينادي: الصلاةَ جامعةً) بنصب الصلاة وجامعة فالأول على أنه مفعول فعل محذوف أي أحضروا، والثاني على الحال ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر وفيه تقادير أخر.
وهو دليل على مشروعية الإعلام بهذا اللفظ للاجتماع لها ولم يرد الأمر بهذا اللفظ عنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إلا في هذه الصلاة.

الموضوع التالي


[رح4] ــــ وعَن ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله عَنْهمُا قالَ: "انخَسَفَتْ الشّمْسُ على عَهْدِ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَصَلى رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، فَقَامَ قِيَاماً طَويلاً نحْواً مِنْ قراءةِ سُورَةِ الْبَقرةِ، ثمَّ ركَعَ رُكُوعاً طَويلاً، ثَمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِياماً طويلاً وَهُو دُونَ الْقيامِ الأوَّل، ثمَّ ركَعَ ركوعاً طويلاً وهو دون الرُّكوع الأوَّل ثمَّ سَجَدَ، ثمَّ قَام قياماً طويلاً وهُوَ دونَ القِيَام الأوَّل، ثمَّ ركع رُكُوعاً طويلاً وهُو دُون الرُّكوع الأول، ثمَّ رفعَ فقَامَ قياماً طويلاً وهُوَ دونَ القيام الأوَّلِ، ثمَّ ركعَ رُكُوعاً طَويلاً وَهُوَ دونَ الركوع الأوَّل، ثمَّ رفَعَ رَأسَهُ ثمَّ سَجَدَ، ثمَّ انْصرفَ وَقَدْ تَجَلّت الشمسُ فَخَطَبَ النّاسَ" مُتّفقٌ عَلَيْه واللفظ للبُخاريِّ، وفي رواية لمُسلمٍ "صلى حين كَسَفَت الشّمسُ ثَمَاني ركَعَاتٍ في أربعِ سَجَدَاتٍ".

الموضوع السابق


[رح1] ــــ عَنِ المُغيرةِ بنِ شُعْبةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ قالَ: انْكَسَفتِ الشمْسُ عَلى عَهْد رَسُولِ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يَوْمَ مَاتَ إبْراهيم (فقال الناس: انكسَفَتِ الشّمْسُ لموْتِ إبرَاهيم) فَقَالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إنَّ الشّمسَ وَالْقَمَرَ آيتَانِ مِنْ آيات الله لا ينْكَسِفَانِ لموْتِ أَحَدٍ ولا لحياتِهِ فإذا رَأَيْتُموهُما فادعُوا الله وصَلُّوا حَتى تَنْكَشِفَ" مُتّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفي رواية لِلْبُخاريِّ "حَتى تَنْجَلي".